وإن قالوا: لا نستغنى في الطهارة عن ذلك الطهور، فقد أقروا بأنهم الأنجاس أبدا، ما داموا لا يقدرون على سبب الطهارة.
فنقول لهم: فإذا كنتم أنجاسا على رأيكم وأصولكم، فما بالكم تعتزلون الحائض بعد انقطاع الحيض وارتفاعه سبعة أيام، اعتزالا تفرطون فيه إلى حد أن أحدكم لو لمس ثوبه ثوب المرأة الحائض لاستنجستموه مع ثوبه؟
فإن قالوا: لأن ذلك من أحكام التوراة.
قلنا: أليس في التوراة أن ذلك يراد به الطهارة؟ فإذا كانت الطهارة قد فاتتكم فإن النجاسة التي أنتم فيها على معتقد كم لا ترتفع بالغسل كنجاسة الحيض، فهى كذلك أشد من نجاسة الحيض، لما أنكم ترون أن الحائض طاهر إذا كانت من غير ملتكم، ولا تستنجسون لامسها، ولا الثوب الذي تلمسه، وتخصيص الأمر، أعني نجاسة الحائض لطائفتكم مما ليس في التوراة، فهذا كله منكم نسخ أو تبديل.
فإن قالوا: إن هذا وإن كان النص غير ناطق به فقد جاء في الفقه.
قلنا لهم: فما تقولون في فقهائكم. هل الذي اختلفوا فيه من مسائل الخلاف والمذهب- على كثرتها لديكم- كان ثمرة اجتهاد واستدلال منقولا بعينه؟ فهم يقولون: إن جميع ما في كتب فقهنا نقله الفقهاء عن الأخبار عن الثقات من السلف، عن يوشع بن نون عن موسى الكليم عليهما السلام عن الله تعالى. فيلزمكم في هذه المسألة الواحدة التي اختلف فيها اثنان من فقهائكم أن يكون كل واحد