لقد كان اليهود من بين العناصر التي رحّبت بالفتح الإسلامي للأندلس بل ومدّوا له يد العون، لذا فقد ظلّ مسيحيو الأندلس يعادونهم عداء مريرا، بل إن هناك من الدراسات ما يؤكد أنّ السلطات المسيحية بعد سقوط غرناطة- وطوال قرن ونيف- كانت لا تتهاون في إخراج اليهود بالذات ولم تكن تقبل منهم حتى التحوّل إلى النصرانية، أما على المستوى الشعبي فقد كان شعب إسبانيا غير راض عن طرد المسلمين لأنهم كانوا يمثلون طاقة عاملة لها شأنها بل كانت الأسر النصرانية تخبئ المسلمين مما جعل السلطات المسيحية مضطرة لجلب جنود من أوربا من خارج إسبانيا للمعاونة في التفتيش على المسلمين وطردهم. نعلم أن هذه الفترة خارج نطاق الفترة الزمنية التي قام فيها بنيامين برحلته، لكن منهجنا في كتابة التاريخ أو بالأحرى فهمه لا يكتفى بالرجوع للوثائق والمصادر الروائية، وإنما بالإضافة إلى ذلك يستعين بالأحداث التاريخية التى وقعت بعد الفترة التي نؤرّخ لها، ويستعين باللغة المتداولة الآن، والوقائع الجارية الآن، والمعاني المبثوثة الآن لتفسير وقائع مضت، فحوادث التاريخ سيل مستمر، وتقسيمها إلى قديم ووسيط وحديث من فعل البشر لا من فعل طبيعة الأحداث.. وكان هذا التقسيم لأسباب عمليّة لا لأسباب علمية خالصة أو لأسباب فلسفية محضة. لكن لا بد على أي حال من وضع بعض المحاذير على هذا المنهج حتى لا تختلط الأمور.
لذا فإننا نجتزئ بعض الصفحات من مبحث يتناول موقف أهل شبه