إن أحداهن لتبيت طاوية وتشتري بقوتها طيباً وهن يقصدن الطواف بالبيت في كل ليلة جمعة فيأتين في أحسن زي وتغلب على الحرم رائحة طيبهنّ وتذهب المرأة منهن فيبقى أثر الطيب بعد ذهابها عبقاً. ولأهل مكة عوائد حسنة وغيرة سنذكرها أن شاء الله تعالى إذا فرغنا من ذكر فضائلها ومجاوريها.
نبذة عن قاضي مكة وخطيبها وإمام الموسم وعلمائها وصلحائها:
قاضي مكة العالم الصالح العابد نجم الدين محمد الإمام العالم محيي الدين الطبري، وهو فاضل كثير الصدقات والمواساة للمجاورين حسن الأخلاق كثير الطواف والمشاهدة للكعبة الشريفة يطعم الطعام الكثير في المواسم المعظمة وخصوصاً في مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يطعم فيه شرفاء مكة وكبراءها وفقراءها وخدام الحرم الشريف وجميع المجاورين، وكان سلطان مصر الملك الناصر رحمه الله يعظمه كثيراً وجميع صدقاته وصدقات أمرائه تجري على يديه وولده شهاب الدين فاضل وهو الآن قاضي مكة شرفها الله. وخطيب مكة الإمام بمقام إبراهيم عليه السلام الفصيح المصقع وحيد عصره بهاء الدين الطبري وهو أحد الخطباء الذين ليس بالمعمورة مثلهم بلاغة وحسن بيان وذكر لي أنه ينشيء لكل جمعة خطبة ثم لا يكررها فيما بعد. وإمام الموسم وإمام المالكية بالحرم الشريف وهو الشيخ الفقيه العالم الصالح الخاشع الشهير أبو عبد الله محمد بن الفقيه الإمام الصالح الورع أبي زيد عبد الرحمن وهو المشتهر بخليل نفع الله به وأمتع ببقائه وأهله من بلاد الجريد من إفريقية ويعرفون بها ببني حيون من كبارها ومولده ومولد أبيه بمكة شرفها الله وهو أحد الكبار من أهل مكة بل واحدها وقطبها بإجماع الطوائف على ذلك مستغرق العبادة في جميع أوقاته حيي كريم النفس حسن الأخلاق كثير الشفقة لا يرد من سأله خائباً.
ولقد رأيت أيام مجاورتي بمكة شرفها الله، وأنا إذا ذاك ساكن منها بالمدرسة المظفرية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو قاعد بمجلس التدريس في المدرسة المذكورة بجانب الشباك الذي تشاهد منه الكعبة الشريفة والناس يبايعونه فكنت أرى الشيخ أبا عبد الله المدعو بخليل قد دخل وقعد القرفصاء بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وجعل يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبايعك على