للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تزول حرمتها معه حتى يريد الرحلة والتحول عن مكة فأقام تقي الدين بمكة أعواما ثم عزم على الرحلة وودع الأمير ين وطاف طواف الوداع وخرج من باب الصفا فلقيه صاحبه الأقطع وتشكى له ضعف حاله وطلب منه ما يستعين به على حاجته فانتهره تقي الدين وزجره فاستل خنجراً له يعرف عندهم بالجنبية وضربه ضربة واحدة كان فيها حتفه. ومنهم الفقيه الصالح زين الدين الطبري شقيق نجم الدين المذكور من أهل الفضل والإحسان للمجاورين. ومنهم الفقيه المبارك محمد بن فهد القرشي من فضلاء مكة وكان ينوب عن القاضي نجم الدين بعد وفاة الفقيه محمد بن عثمان الحنبلي. ومنهم العدل الصالح محمد بن البرهان زاهد ورع مبتلي بالوساس رأيته يوماً يتوضأ من بركة المدرسة المظفرية فيغسل ويكرر ولما مسح رأسه أعاد مسحه مرات ثم لم يقنعه ذلك فغطس رأسه في البركة وكان إذا أراد الصلاة ربما صلى الإمام الشافعي وهو يقول نويت نويت فيصلي من غيره وكان كثير الطواف والإعتمار والذكر.

خبر المجاورين بمكة:

فمنهم الإمام العالم الصالح الصوفي المحقق العابد عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليمني الشافعي الشهير باليافعي، كثير الطواف آناء الليل وأطراف النهار وكان إذا طاف من يصعد إلى سطح المدرسة المظفرية فيقعد مشاهدا للكعبة الشريفة إلى أن يغلبه النوم فيجعل تحت رأسه حجرا وينام يسيرا ثم يجدد الوضوء ويعود لحاله من الطواف حتى يصلي الصبح وكان متزوجا ببنت الفقيه العابد شهاب الدين بن البرهان وكانت صغيرة السن فلا تزال تشكو إلى أبيها حالها فيأمرها بالصبر فأقامت معه على ذلك سنين ثم فارقته. ومنهم الصالح العابد نجم الدين الأصفوني كان قاضيا ببلاد الصعيد فانقطع إلى الله تعالى وجاور بالحرم الشريف وكان يعتمر في كل يوم من التنعيم ويعتمر في رمضان: مرتين في اليوم اعتمادا على ما في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" ١. ومنهم الشيخ الصالح


١ الحديث روى معناه بلفظ آخر أبو داود وابن خزيمة في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه كذلك بلفظه البخاري والنسائي وابن ماجه، وليس فيه لفظ: معي. ورواه مسلم بالروايتين في إحداهما لفظ معي، والأخرى بدونها. كما رواه ابن حبان في صحيحه، وقد روي بروايات تختلف لفظاً وتتفق معنىً".

<<  <  ج: ص:  >  >>