العابد شمس الدين محمد الحلبي كثير الطواف والتلاوة من قدماء المجاورين توفي بمكة. ومنهم الصالح أبو بكر الشيرازي المعروف بالصامت كثير الطواف أقام بمكة أعواما لا يتكلم فيها. ومنهم الصالح خضب العجمي كثير الصوم والتلاوة والطواف والشيخ الصالح برهان الدين العجمي الواعظ كان ينصب له كرسي اتجاه الكعبة الشريفة فيعظ الناس ويذكرهم بلسان فصيح وقلب خاشع يأخذ بمجامع القلوب. والصالح المجود برهان الدين إبراهيم المصري مقريء مجيد ساكن رباط السدرة ويقصده أهل مصر والشام بصدقاتهم ويعلم الأيتام كتاب الله تعالى ويقوم بمؤنهم ويكسوهم. والصالح العابد عز الدين الواسطي من أصحاب الأموال الطائلة يحمل إليه من بلده المال الكثير في كل سنة فيبتاع الحبوب والتمر ويفرقها على الضعفاء والمساكين ويتولى حملها إلى بيوتهم بنفسه ولم يزل ذلك دأبه إلى أن توفي. والفقيه الصالح الزاهد أبو الحسن علي بن رزق الله الأنجري من أهل قطر طنجة من كبار الصالحين جاور بمكة سِنيناً وبها وفاته، كانت بينه وبين والدي صحبة قديمة، ومتى أتى إلى بلدنا طنجة نزل عندنا وكان له بيت بالمدرسة المظفرية يعلم العلم فيها نهارا ويأوى بالليل إلى مسكنه برباط ربيع وهو من أحسن الرباطات بمكة بداخله بئر لا يماثلها بئر بمكة وسكانه الصالحون وأهل ديار الحجاز يعظمون هذا الرباط تعظيما شديدا وينذرون له النذور وأهل الطائف يأتون بالفواكه ومن عاداتهم أو كل من له بستان من النخيل والعنب والفرسك وهو الخوخ والتين وهم يسمونه الخمط يخرج منه العشر لهذا الرباط ويوصلون ذلك إليه على جمالهم ومسيرة ما بين مكة والطائف يومان ومن لم يف بذلك نقصت فواكهه في السنة الآتية وأصابتها الجوائح.
أتى يوما غلمان الأمير أبي نمي صاحب مكة إلى هذا الرباط ودخلوا بخيل الأمير وسقوها من تلك البئر فلما عادوا بالخيل إلى مرابطها أصابتها الأوجاع وضربت بأنفسها الأرض برؤوسها وأرجلها. واتصل الخبر بالأمير أبي نمي فأتى