باب الرباط بنفسه واعتذر إلى المساكين الساكنين به واستصحب واحدا منهم فمسح على بطون الدواب بيده فأراقت ما كان في أجوافها من ذلك الماء وبرئت مما أصابها ولم يعرضوا بعدها للرباط إلا بالخير. ومنهم الصالح المبارك أبو العباس الغماري من أصحاب أبي الحسن بن رزق الله وسكن رباط ربيع ووفاته بمكة. ومنهم الصالح أبو يعقوب يوسف من بادية سبتة كان خديما للشيخين المذكورين فلما توفيا صار شيخ الرباط بعدهما. ومنهم الصالح السابح السالك أبو الحسن علي بن فرعوس التلمساني, ومنهم الشيخ سعيد الهندي شيخ رباط كلالة.
روي أن الشيخ سعيد كان قصد ملك الهند محمد شاه فأعطاه مالاً عظيما قدم به مكة فسجنه الأمير عطيفة وطلبه بأداء المال فامتنع فعذب بعصر رجليه فأعطى خمس وعشرين ألف درهما نقرة وعاد إلى بلاد الهند ورأيته بها ونزل بدار الأمير سيف الدين غدا بن هبة الله بن عيسى بن مهنى أمير عرب الشام وكان غدا ساكنا ببلاد الهند متزوجا بأخت ملكها وسيذكر أمره. فأعطى ملك الهند للشيخ سعيد جملة مال وتوجه صحبه حاج يعرف بوشل من ناس الأمير غدا وجهه الأمير المذكور ليأتيه ببعض ناسه ووجه معه أموالا وتحفا منها الخلعة التي خلعها عليه ملك الهند ليلة زفافه بأخته وزهي من الحرير الأزرق مزركشة بالذهب ومرصعة بالجوهر بحيث لا يظهر لونها لغلبة الجوهر عليها وبعث معها خمسين ألف درهم ليشتري له الخيل العتاق فسافر الشيخ سعيد صحبة وشل واشتريا سلعا بما عندهما من الأموال فلما وصلا جزيرة سقطرة المنسوب إليها الصبر السقطري خرج عليهما لصوص الهند في مراكب كثيرة فقاتلوهم قتالاً شديداً مات فيه من الفريقين جملة وكان وشل راميا فقتل منهم جماعة، ثم تغلب السراق عليهم وطعنوا وشلا طعنه مات منها بعد ذلك وأخذوا ما كان عندهم وتركوا لهم مركبهم بآلة سفره وزاده فذهبوا إلى عدن ومات بها وشل وعادة هؤلاء السراق أنهم لا يقتلون أحداً إلا حين القتال ولا يغرقونه وإنما يأخذون ماله ويتركونه يذهب بمركبه حيث شاء ولا يأخذون المماليك لأنهم من جنسهم، وكان الحاج سعيد قد سمع من ملك الهند أنه يريد إظهار الدعوة العباسية ببلده كمثل ما فعله ملوك الهند ممن تقدمه مثل السلطان شمس الدين لَلْمِش "بفتح اللام الأولى، وإسكان الثانية وكسر الميم وشين