خشبة على رأسها عود معترض قد علق فيه قنديلان من الزجاج كبيران يوقدان فإذا قرب الفجر وقع الإيذان بالقطع مرة بعد مرة وحط القنديلان وابتدأ المؤذنون بالآذان وأجاب بعضهم بعضاً ولديار مكة شرفها الله سطوح فمن بعدت داره بحيث لا يسمع الأذان يبصر القنديلين المذكورين فيتسحر حتى إذا لم يبصرهما أقلع عن الأكل وفي ليلة وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان يختمون القرآن ويحضر الختم القاضي والفقهاء والكبراء ويكون الذي يختم بها أحد أبناء كبراء أهل مكة فإذا نصب له منبر بالحرير وأوقد الشمع وخطب فإذا فرغ من خطبته استدعى أبوه الناس إلى منزله فأطعمهم الأطعمة الكثيرة والحلاوات وكذلك يصنعون في جميع ليالي الوتر وأعظم تلك الليالي عندهم ليلة سبع وعشرون واحتفالهم لها أعظم من احتفالهم لسائر الليالي ويختم بها القرآن العظيم خلف المقام الكريم وتقام إزاء حطيم الشافعية خشب عظام توصل بالحطيم وتعرض بينها ألواح طوال ويجعل ثلاث طبقات وعليها الشمع وقنديل الزجاج فيكاد يغشي الأبصار شعاع الأنوار ويتقدم الإمام فيصلي فريضة العشاء الآخرة ثم يبتدي قراءة سورة القدر وإليها يكون انتهاء قراء الأئمة في الليلة التي قبلها وفي تلك الساعة يمسك جميع الأئمة عن التراويح تعظيما لختمة المقام ويحضرونها متبركين فيختم الإمام في تسليمتين ثم يقوم خطيباً مستقبل المقام فإذا فرغ من ذلك عاد الأئمة إلى صلاتهم وانفض الجمع ثم يكون الختم ليلة تسع وعشرين في المقام المالكي في منظر مختصر وعن المباهاة منزه موقر فيختم ويخطب.
ومن عادتهم في شوال وهو مفتتح أشهر الحج المعلومات أن يوقدوا المشاعل ليلة استهلاله ويسرجون المصابيح والشمع على نحو فعلهم في ليلة سبع وعشرين من رمضان وتوقد السرج في الصوامع من جميع جهاتها ويوقد سطح الحرم كله وسطح المسجد الذي بأعلى أبي قبيس ويقيم المؤذنون ليلتهم تلك في تهليل وتكبير وتسبيح والناس ما بين طواف وصلاة وذكر ودعاء فإذا صلوا صلاة الصبح أخذوا في أهبة العيد ولبسوا أحسن ثيابهم وبادروا لأخذ مجالسهم بالحرم الشريف به يصلون صلاة العيد لأنه لا يوجد موضع أفضل منه ويكون أول من يبكر إلى المسجد الشيبيون فيفتحون باب الكعبة المقدسة ويقعد كبيرهم في عتبتها وسائرهم بين يديه إلى أن يأتي أمير مكة فيتلقونه ويطوف