للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلاه ثقب نافذة تخرقه الريح، ثم رحلنا منه إلى وادي الكروش ولا ماء به، ثم أسرينا ليلاً وصحبنا بحصن فيد وهو حصن كبير في بسيط من الأرض يدور به سور وعليه ربض وساكنوه عرب يتعيشون مع الحاج في البيع والتجارة. وهنالك يترك الحجاج بعض أزوادهم عند وصولهم من العراق إلى مكة شرفها الله تعالى فإذا عادوا وجدوه وهو نصف الطريق من مكة إلى بغداد ومنه إلى الكوفة مسيرة اثني عشر يوما في طريق سهل به المياه في المصناع ومن عادة الركب أن يدخلوا هذا الموضع على تعبئة وأهبة للحرب إرهاباً للعرب المجتمعين هنالك وقطعاً لأطماعهم عن الركب وهنالك لقينا أمير ي العرب وهما فياض وجيار واسمه "بكسر الحاء وإهماله وياء آخر الحروف" وهما ابنا الأمير مهنا بن عيسى ومعهما من خيل العرب ورجالهم من لا يحصون كثرة فظهر منهما المحافظة على الحاج والرحال والحوطة لهم وأتى العرب بالجمال والغنم فاشترى منهم الناس ما قدروا عليه، ثم رحلنا ونزلنا الموضع الأجفر ويشتهر باسم العاشقين جميل وبثينة، ثم رحلنا ونزلنا بالبيداء، ثم نزلنا زرود وهي بسيط من الأرض فيه رمال منهالة وبه دور صغر قد أداروها شبه الحصن وهنالك آبار ماء ليست بالعذبة، ثم رحلنا ونزلنا الثعلبية ولها حصن خرب بإزائه مصنع هائل ينزل إليه في درج وبه من ماء المطر ما يعم الركب ويجتمع من العرب بهذ الموضع جمع عظيم فيبيعون الجمال والغنم والسمن واللبن ومن هذا الموضع إلى الكوفة ثلاث مراحل، ثم رحلنا فنزلنا ببركة المرجوم وهو مشهد على الطريق عليه كوم عظيم من حجارة وكل من مر به رجمه ويذكر أن هذا المرجوم كان رافضياً فسافر مع الركب يريد الحج فوقعت بينه وبين أهل السنة من الأتراك مشاجرة فسب بعض الصحابة فقتلوه بالحجارة وبهذا الموضع بيوت كثيرة للعرب ويقصدون الركب بالسمن واللبن وسوى ذلك وبه مصنع كبير يعم جميع الركب مما بنته زبيدة رحمة الله عليها وكل مصنع أو بركة أو بئر بهذه الطريق التي بين مكة وبغداد فهي من كريم آثارها جزاها الله خيراً ووفى لها أجرها. ولولا عنايتها بهذا الطريق ما سلكها أحد، ثم نزلنا ورحلنا موضعا يعرف بالمشقوق فيه مصنعان بهما الماء العذب الصافي وأراق الناس ما كان عندهم من الماء وتزودوا منهما، ثم رحلنا ونزلنا موضعا يعرف بالتنانير وفيه مصانع تمتلئ بالماء، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>