للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرينا١ منه واجتزنا ضحوة٢ بزمالة وهي قرية معمورة بها قصر للعرب ومصنعان للماء وآبار كثيرة وهي من مناهل الطريق، ثم رحلنا فنزلنا الهيثمين وفيه مصنعان للماء، ثم رحلنا فنزلنا دون العقبة المعروفة بعقبة الشيطان وصعدنا العقبة في اليوم الثاني وليس بهذا الطريق وعراً سواها على أنها ليست بصعبة ولا طائلة، ثم نزلنا موضعا يسمى واقصة فيه قصر كبير ومصانع للماء معمور بالعرب وهو آخر مناهل هذا الطريق وليس فيما بعدة إلى الكوفة منهل مشهور إلا مشارع ماء الفرات وبه يتلقى كثير من أهل الكوفة الحاج ويأتون بالدقيق والخبز والتمر والفواكه ويهنيء الناس بعضهم بعضا بالسلامة، ثم نزلنا موضعا يعرف بلورة فيه مصنع كبير للماء، ثم نزلنا موضعا يعرف بالمساجد فيه ثلاثة مصانع، ثم نزلنا موضعا يعرف بمنارة القرون وهي منارة في بيداء من الأرض بائنة الارتفاع مجللة بقرون الغزلان ولا عمارة حولها، ثم نزلنا موضعاً يعرف بالعُذيب وهو واد مخصب عليه عمارة وحوله فلاة خصبة فيها مسرح للبصر، ثم نزلنا القادسية حيث كانت الوقعة الشهيرة على الفرس التي أظهر الله فيها دين الإسلام وأزل المجوس عبدة النار فلم تقم لهم بعدها قائمة واستأصل الله شأفتهم وكان أمير المسلمين يومئذ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكانت القادسية مدينة عظيمة افتتحها سعد رضي الله عنه وخربت فلم يبق منها الآن إلا مقدار قرية كبيرة فيها حدائق النخل وبها مشارع من ماء الفرات، ثم رحلنا من القادسية فنزلنا مدينة مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنجف وهي مدينة حسنة في أرض فسيحة صلبة من أحسن مدن العراق وأكثرها ناسا وأتقنها بناء ولها أسواق حسنة نظيفة دخلناها من باب الحضرة فاستقبلنا سوق البقالين والطباخين والخبازين ثم سوق الفاكهة ثم سوق الخياطين والقيسارية ثم سوق العطارين ثم الحضرة حيث القبر الذي يزعمون أنه قبر علي عليه السلام وبإزائه المدارس والزوايا والخوانق معمورة أحسن عمارة وحيطانها بالقاشاني وهو شبه الزليج عندنا لكن لونه أشرق ونقشه أحسن.


١ في بعض طبعات الكتاب: ثم رحلنا منه.
٢ أي: في وقت الضحى.

<<  <  ج: ص:  >  >>