لمال الغرباء ولا يسألون عنه ولو بلغ ما عسى أن يبلغ وكذلك السودان لا يتعرضون لمال الأبيض ولا يأخذونه إنما يكون عند الكبار من أصحابه حتى يأتي مستحقه وهذا الشريف أبو غرة له أخ اسمه قاسم سكن غرناطة مدة وبها تزوج بنت الشريف أبي عبد الله بن إبراهيم الشهير بالمكي ثم انتقل إلى جبل طارق فسكنه إلى أن استشهد بوادي كرة من نظر الجزيرة الخضراء وكان بهمة من البهم لا يصطلي بناره خرق المعتاد في الشجاعة وله فيها أخبار شهيرة عند الناس وترك ولدين هما في كفالة الشريف الفاضل أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن نفيس الحسيني الكربلائي الشهير ببلاد المغرب وبالعراق، وكان تزوج أمهما بعد موت أبيهما، وهو محسن لها جزاه الله خيراً.
ولما تحصلت لنا زيارة أمير المؤمنين علي عليه السلام سافر الركب إلى بغداد وسافرت إلى البصرة صحبة رفقة كبيرة من عرب خفاجة وهم أهل تلك البلاد ولهم شوكة عظيمة وبأس شديد ولا سبيل للسفر في تلك الأقطار إلا في صحبتهم فاكتريت جملاً على يد أمير تلك القافلة شامر بن دراج الخفاجي وخرجنا من مشهد علي عليه السلام فنزلنا الخورنق موضع سكنى النعمان بن المنذر وآبائه من ملوك بني ماء السماء وبه عمارة وبقايا قباب ضخمة في فضاء فسيح على نهر يخرج من الفرات، ثم رحلنا عنه فنزلنا موضع يعرف بقائم الواثق وبه أثر قرية خربة ومسجد خرب لم يبق منه إلا صومعته، ثم رحلنا عنه آخذين مع جانب الفرات بالموضع المعروف بالعذار وهو غابة قصب في وسط الماء يسكنها أعراب يعرفون بالمعادي، وهم قطاع الطريق رافضية المذهب خرجوا على جماعة من الفقراء تأخروا عن رفقتنا فسلبوهم حتى النعال والكشاكل وهم يتحصنون بتلك الغابة ويمتنعون بها ممن يريدهم، والسباع بها كثيرة. ورحلنا مع هذا الغدار ثلاث مراحل، ثم وصلنا مدينة واسط.
وهي حسنة الأقطار كثيرة البساتين والأشجار بها أعلام يُهدَي الخير شاهدهم، وتُهدي الاعتبار مشاهدهم، وأهلها من خيار أهل العراق بل هم خيرهم على الإطلاق أكثرهم يحفظون القرآن الكريم ويجيدون تجويده بالقراءة الصحيحة وإليهم يأتي أهل بلاد العراق برسم تعلم ذلك. وكان في القافلة التي وصلنا فيها جماعة من الناس أتوا برسم تجويد القرآن على من بها من الشيوخ وبها مدرسة عظيمة حافلة فيها حوالي ثلاثمائة خلوة ينزلها الغرباء القادمون لتعلم