ولهذا الشيخ كرامة عظيمة يحكى أنه قصد مرة جبل سرنديب ومعه نحو ثلاثين من الفقراء فأصابتهم مجاعة في طريق الجبل حيث لا عمارة وتاهوا عن الطريق وطلبوا من الشيخ أن يأذن لهم في القبض على بعض الفيلة الصغار وهي في ذلك المحل كثيرة جدا ومنه تحمل إلى حضرة ملك الهند فنهاهم الشيخ عن ذلك فغلب عليهم الجوع فتعدوا قول الشيخ وقبضوا على فيل صغير منها وذكوه وأكلوا لحمه وامتنع الشيخ عن أكله فلما ناموا تلك الليلة اجتمعت الفيلة من كل ناحية وأتت إليهم فكانت تشم الرجل منهم وتقتله حتى أتت على جميعهم وشمت الشيخ ولم تتعرض له وأخذه فيل منها ولف عليه خرطومه ورمى به على ظهره وأتى به الموضع الذي فيه العمارة فلما رآه أهل تلك الناحية عجبوا منه واستقبلوه ليعرفوا أمره فلما قرب منهم أمسكه الفيل بخرطومه ووضعه عن ظهره إلى الأرض بحيث يرونه فجاءوا إليه وتمسكوا به إلى ملكهم فعرفوه خبره وهم كفار وأقام عندهم أياماً وذلك الموضع على خور يسمى خور الخيزران والخور هو النهر. وبذلك الموضع مغاص الجوهر ويذكر أن الشيخ غاص في بعض الأيام بمحضر ملكهم وخرج وقد ضم يديه معاً وقال للملك اختر ما لك في إحداهما فاختار ما في اليمنى فرمى إليه بما فيها وكانت ثلاثة أحجار من الياقوت لا مثل لها وهي عند ملوكهم في التاج يتوارثونها وقد دخلت جزيرة سيلان هذه وهم مقيمون على الكفر إلا أنهم يعظمون فقراء المسلمين ويؤوونهم إلى دورهم ويطعمونهم الطعام ويكونون في بيوتهم وبين أهليهم وأولادهم خلافاً لسائر كفار الهند فإنهم لا يقربون المسلمين ولا يطعمونهم آنيتهم ولا يسقونهم فيها مع أنهم لا يؤذونهم ولا يهجونهم ولقد كنا نضطر إلى أن يطبخ لنا بعضهم اللحم فيأتون به في قدورهم ويقعدون على بعد منا ويأتون بأوراق الموز فيجعلون عليهم الأرز وهو طعامهم ويصبون عليه الكوشال وهو الإدام ويذهبون فنأكل منه وما فضل عليها تأكله الكلاب والطير وإن أكل منها الصغير الذي لا يعقل ضربوه وأطعموه روث البقر وهو الذي يطهر ذلك في زعمهم، ومن المشاهد بها مشهد الشيخ الصالح القطب روزجهان القبلي من كبار الأولياء، وقبره في مسجد جامع يخطب فيه وبذلك الجامع يصلي القاضي مجد الدين الذي تقدم ذكره رضي الله عنه. وبهذا الجامع سمعت عليه كتاب مسند الإمام أبي عبد الله