الصحابة، والتابعين ومنزل العلماء والصالحين، وحضرة علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلا أن الخراب قد استولى عليها بسبب أيدي العدوان التي امتدت إليها وفسادها من عرب خفاجة المجاورين لها فإنهم يقطعون طريقها ولا سور عليها وبناؤها بالآجر وأسواقها حسان وأكثر ما يباع فيها التمر والسمك وجامعها الأعظم جامع كبير شريف بلاطاته سبعة قائمة على سواري حجارة ضخمة منحوتة قد صنعت قطعاً ووضع بعضها على بعض وأفرغت بالرصاص وهي مفرطة الطول وبهذا المسجد آثار كريمة فمنها بيت إزاء المحراب عن يمين مستقبل القبلة يقال أن الخليل صلوات الله عليه كان له مصلى بذلك الموضع وعلى مقربة منه محراب محلق عليه بأعواد الساج مرتفع وهو محراب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهنالك ضربه الشقي ابن ملجم والناس يقصدون الصلاة به وفي الزاوية من هذا البلاط مسجداً صغير محلق عليه أيضاً بأعواد الساج يذكر أنه الموضع الذي فار منه التنور حين طوفان نوح عليه السلام وفي ظهره خارج المسجد بيت يزعمون أنه بيت نوح عليه السلام وإزاءه بيت يزعمون أنه متعبد إدريس عليه السلام ويتصل بذلك فضاء يصل بالجدار القبلي للمسجد يقال أنه موضع إنشاء سفينة نوح عليه السلام وفي آخر هذا الفضاء دار علي بن أبي طالب رضي الله عنه والبيت الذي غسل فيه ويتصل به بيت يقال أيضا أنه بيت نوح عليه السلام والله أعلم بصحة ذلك كله وفي الجهة الشرقية من الجامع بيت مرتفع يصعد إليه فيه قبر مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه وبمقربة منه خارج المسجد قبر عاتكة وسكينة بنتا الحسين عليه السلام. وأما قصر الإمارة بالكوفة الذي بناه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فلم يبق إلا أساسه، والفرات من الكوفة على مسافة نصف فرسخ في الجانب الشرقي منها وهو منتظم بحدائق النخل الملتفة المتصل بعضها ببعض ورأيت بغربي جبانة للكوفة موضعاً مسوداً شديد السواد في بسيط أبيض فأخبرت أنه قبر الشقي ابن ملجم وأن أهل الكوفة يأتون في كل سنة بالحطب الكثير فيوقدون النار على موضع قبره سبعة أيام وعلى قرب منه قبة أخبرت على أنها المختار بن أبي عبيد.
ثم رحلنا ونزلنا بئر ملاحة، وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ونزلت بخارجها وكرهت دخولي لها لأن أهلها روافض ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة