الحلة وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات وهي كثيرة العمارة وحدائق النخل منتظمة بها داخلاً وخارجاً ودورها بين الحدائق ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة فيما بين الشطين تحف بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل. وأهل هذه المدينة كلها أمامية اثنا عشرية وهم طائفتان إحداهما تعرف بالأكراد والأخرى تعرف بأهل الجامعين والفتنة بينهم متصلة والقتال قائم وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ومن عاداتهم أن يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر يأخذون منه فرساً مسرجاً ملجماً أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابة ويتقدمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون بالباب ويقولون باسم الله يا صاحب الزمان باسم الله أخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم وهذا أوان خروجك فيفرق الله بين الحق والباطل ولا يزالون كذلك وهم يضربون الأبواق والأطبال والأنفار إلى صلاة المغرب وهم يقولون أن محمد بن الحسن العسكري دخل المسجد وغاب فيه وأنه سيخرج وهو الإمام المنتظر عندهم وقد كان غلب على مدينة الحلة بعد موت السلطان أبي سعيد الأمير محمد بن رميثة ابن أبي نمي أمير مكة وحكمها أعواماً وكان حس السيرة يحمده أهل العراق إلى أن غلب عليه الشيخ حسن سلطان العراق فعذبه وقتله وأخذ الأموال والذخائر التي كانت عنده، ثم سافرنا منها إلى مدينة كربلاء مشهد الحسين بن علي عليهما السلام وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخل ويسقيها ماء الفرات والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وعلى باب الروضة الحجاب والقومة لا يدخل أحد إلا عن إذنهم فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة وعلى الأبواب أستار الحرير وأهل هذه المدينة طائفتان أولاد رخيك وأولاد فئاز وبينهما القتال أبدا وهم جميعا إمامية يرجعون إلى أب واحد ولأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة. ثم سافرنا منها إلى بغداد.