أما الجانب الغربي من بغداد هو الذي عمّر أولاً، وهو الآن خراب أكثره وعلى ذلك فقد بقي منه ثلاث عشرة محلة كأنها مدينة بها الحمامان والثلاثة وفي ثمان منها المساجد الجامعة ومن هذه المحلات محلة باب البصرة وبها جامع الخليفة أبي جعفر المنصور رحمه الله والمارستان فيما بين محلة البصرة ومحلة الشارع على الدجلة وهو قصر كبير خرب بقيت منه الآثار وفي هذا الجانب الغربي من المشاهد قبر معروف الكرخي رضي الله عنه وهو في محلة باب البصرة وبطريق باب البصرة مشهد حافل بالبناء في داخله قبر متسع السنام عليه مكتوب هذا قبر عون من أولاد علي بن أبي طالب وفي هذا الجانب قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق والد علي بن موسى الرضا وإلى جانبه قبر الجواد والقبران داخل الروضة عليهما دكانة ملبسة بالخشب عليه ألواح الفضة.
وأما هذه الجهة الشرقية من بغداد حافلة الأسواق عظيمة الترتيب، وأعظم أسواقها سوق يعرف بسوق الثلاثاء، كل صناعة فيه على حدة وفي وسط هذه السوق المدرسة النظامية العجيبة التي صارت الأمثال تضرب بحسنها وفي آخره المدرسة المستنصرية ونسبتها إلى أمير المؤمنين المستنصر بالله أبي جعفر بن أمير المؤمنين الظاهر بن أمير المؤمنين الناصر وبها المذاهب الأربعة لكل مذهب إيوان فيه المسجد وموضع التدريس وجلوس المدرس في قبة من خشب صغيرة على كرسي عليه البسط ويقعد المدرس عليه وعليه السكينة والوقار لابساً السواد معتما وعلى يمينه ويساره معيدان يعيدان كل ما يقوله وهكذا ترتيب كل مجلس من هذه المجالس الأربعة وفي داخل هذه المدرسة الحمام للطلبة ودار الوضوء وبهذه الجهة الشرقية من المساجد التي تقام فيها الجمعة ثلاثة أحدها جامع الخليفة وهو المتصل بقصور الخلفاء ودورهم وهو جامع كبير فيه ساقيات ومطاهر كثيرة للوضوء وللغسل لقيت بهذا المسجد الشيخ الإمام العالم الصالح مسند العراق سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن عمر القزويني وسمعت عليه في جميع مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي، وذلك في شهر رجب الفرد عام سبعة وعشرين وسبعمائة قال: أخبرتنا به الشيخة الصالحة المسندة بنت الملوك فاطمة بنت العدل تاج الدين أبي الحسن علي بن علي بن أبي البدر قالت: أخبرنا الشيخ أبو