ويتولى ترتيب ذلك كله أمير جند وله جماعة كبيرة وعقوبه من تخلف عن التوجه وجماعته أن يؤخذ تماقه فيملأ رملاً ويعلق في عنقه ويمشي على قدميه حتى يبلغ المنزل فيؤتى به إلى الأمير فيبطح على الأرض ويضرب خمساً وعشرين مقرعة على ظهره سواء كان رفيعاً أو وضيعاً لا يحاشون من ذلك أحداً وإذا نزلوا ينزل السلطان ومماليكه في محلة على حدة، وتنزل كل خاتون من خواتينه في محلة على حدة، ولكل واحدة منهم الإمام والمؤذن والقراء والسوّاق وينزل الوزراء والكتاب وأهل الأشغال على حدة، وينزل كل أمير على حدة ويأتون جميعاً إلى الخدمة بعد العصر ويكون انصرافهم بعد العشاء الأخيرة والمشاعل بين أيديهم.
فإذا كان الرحيل ضرب الطبل الكبير ثم يضرب طبل الخاتون الكبرى التي هي الملكة ثم أطبال سائر الخواتين ثم طبل الوزير ثم أطبال الوزراء دفعة واحدة ثم يركب أمير المقدمة في عسكره ثم يتبعه الخواتين ثم أثقال السلطان وزاملته وأثقال الخواتين ثم أمير ثان في عسكر له يمنع الناس من الدخول فيما بين الأثقال والخواتين ثم سائر الناس. وسافرت في هذه المحلة عشرة أيام ثم ذهبت صحبة الأمير علاء الدين محمد إلى بلدة تبريز وكان من الأمراء الكبار والفضلاء فوصلنا بعد عشرة أيام إلى مدينة تبريز ونزلنا بخارجها في موضع يعرف بالشام وهنالك قبر قازان ملك العراق وعليه مدرسة حسنة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر من الخبز واللحم والأرز المطبوخ بالسمن والحلواء وأنزلني الأمير بتلك الزاوية وهي ما بين أنهار متدفقة وأشجار مورقة.
وفي غد ذلك اليوم دخلت المدينة على باب يعرف بباب بغداد ووصلنا إلى سوق عظيمة تعرف بسوق قازان من أحسن أسواق بلاد الدنيا كل صناعة فيها على حدة لا تخالطها أخرى واجتزت بسوق الجوهريين، فحار بصري مما رأيته من أنواع الجواهر وهي بأيدي مماليك حسان الصور عليهم الثياب الفاخرة وأوساطهم مشدودة بمناديل الحرير وهم بين أيدي التجار يعرضون الجواهر على نساء الأتراك وهن يشرينه كثيراً ويتنافسن فيه فرأيت من ذلك كله فتنة يستعاذ الله منها. ودخلنا سوق العنبر والمسك فرأينا مثل ذلك وأعظم ثم وصلنا إلى المسجد الجامع الذي عمره الوزير علي شاه المعروف بجيلان وبخارجه عن يمين مستقبل القبلة مدرسة وعن يساره زاوية وصحنه مفروش