بالمرمر وحيطانه بالقشاني وهو شبه الزليخ ويشقه نهر ماء وبه أنواع الأشجار ودوالي العنب وشجر ياسمين ومن عاداتهم أنهم يقرأون به كل يوم سورة الفتح وسورة عم بعد صلاة العصر في صحن الجامع ويجتمع لذلك أهل المدينة وبتنا ليلة بتبريز ثم وصل بالغد أمر السلطان أبي سعيد إلى الأمير علاء الدين بأن يصل إليه فعدت معه ولم ألق بتبريز أحد من العلماء.
ثم سافرنا إلى أن وصلنا محلة السلطان فأعلمه الأمير المذكور بمكاني وأدخلني عليه فسألني عن بلادي وكساني وأركبني وأعلمه السفير أني أريد السفر إلى الحجاز الشريف فأمر لي بالزاد والركوب في السبيل مع المحمل وكتب لي بذلك إلى أمير بغداد خواجة معروف فعدت إلى بغداد واستوفيت ما أمر لي به السلطان وكان قد بقي لأوان سفر الركب أزيد من شهرين فظهر لي أن أسافر إلى الموصل وديار بكر لأشاهد تلك البلاد وأعود إلى بغداد في حين سفر الركب فأتوجه إلى الحجاز الشريف فخرجت من بغداد إلى منزل على نهر دجيل وهو متفرع عن دجلة فيسقي قرى كثيرة ثم نزلنا بعد يومين بقرية كبيرة تعرف بحربة مخصبة فسيحة ثم رحلنا فنزلنا موضعا على شط دجلة بالقرب من حصن يسمى المعشوق وهو مبني على الدجلة وفي الجهة الشرقة من هذا الحصن مدينة سُرَّ مَنْ رَأَى وتسمى أيضا سامرّا، ويقال لها سام راه، ومعناه بالفارسية طريق سام وراه هو الطريق، وقد استولى الخراب على هذه المدينة فلم يبق منها إلا القليل وهي معتدلة الهواء رائعة الحسن على بلائها ودروس معالمها وفيها أيضا مشهد صاحب الزمان كما بالحلة، ثم سرنا منها مرحلة ووصلنا إلى مدينة تكريت وهي مدينة كبيرة فسيحة الأرجاء مليحة الأسواق الجوامع وأهلها موصوفون بحسن الأخلاق والدجلة في الجهة الشمالية منها ولها قلعة حصينة على شط الدجلة والمدينة عتيقة البناء عليها سور يطيف بها، ثم رحلنا منها مرحلتين ووصلنا قرية تعرف بالعقر على شط الدجلة وبأعلاها ربوة كان بها حصن وبأسلفها الخان المعروف بخان الحديد وله أبراج وبناؤه حافل والقرى والعمارة متصلة من هنالك إلى الموصل، ثم رحلنا ونزلنا موضعا يعرف بالقيارة بمقربة من دجلة وهنالك أرض سوداء فيها عيون تنبع بالقار ويصنع له أحواض ويجتمع فيها فتراه شبه الصلصال على وجه الأرض حالك اللون صقيلاً رطباً وله رائحة