فسألني عن بلادي وعن مولانا أمير المسلمين جواد الأجواد أبي سعيد١ رضي الله عنه وعن ملك مصر وملك العراق وملك اللور فأجبته عما سأل من أحوالهم وكان وزيره بين يديه فأمره بإكرامي وإنزالي وترتيب قعود هذا الملك أنه يجلس فوق دكانة مفروشة مزينة بثياب الحرير وعن يمينه ويساره أهل السلاح ويليه منهم أصحاب السيوف والدرق ويليهم أصحاب القسي وبين أيديهم في الميمنة والميسرة الحاجب وأرباب الدولة وكاتب السر وأمير جندار على رأسه والشاويشية هم من الجنادرة وقوف على بعد. فإذا قعد السلطان صاحوا صيحة واحدة: باسم الله. فإذا قام فعلوا مثل ذلك، فيعلم جميع من بالمشور وقت قيامه ووقت قعوده. فإذا استوى قاعداً دخل كل من عادته أن يسلم عليه فسلم ووقف حيث رسم له بالميمنة أو الميسرة لا يتعدى أحد موضعه ولا يقعد إلا من أمر بالقعود يقول السلطان للأمير جندار مر فلاناً يقعد فيتقدم ذلك المأمور بالقعود عن موقفه قليلاً ويقعد على بساط هناك بين أيد القائمين في الميمنة والميسرة. ثم يؤتى بالطعام وهو طعامان: طعام العامة وطعام الخاصة فأما الطعام الخاص فأكل منه السلطان وقاضي القضاة والكبار من الشرفاء ومن الفقهاء والضيوف، وأما الطعام العام فيأكل منه سائرالشرفاء والفقهاء والقضاة والقضائة والمشايخ والأمراء ووجوه الأجناد ومجلس كل إنسان للطعام معين لا يتعداه ولا يزاحم أحد منهم أحداً وعلى مثل هذا الترتيب سواء هو ترتيب ملك الهند في طعامه فلا أعلم أن سلاطين الهند أخذوا ذلك عن سلاطين اليمن أم سلاطين اليمن أخذوه عن سلاطين الهند وأقمت في ضيافة سلطان اليمن أياماً وأحسن إلي أركبني. وانصرفت إلى مدينة صنعاء وهي قاعدة بلاد اليمن الأولى مدينة كبيرة حسنة العمارة بناؤها بالآجر والجص كثيرة الأشجار والفواكه والزرع معتدلة الهواء طيبة الماء ومن الغريب أن المطر ببلاد الهند واليمن والحبشة إنما ينزل في أيام القيظ، وأكثر ما يكون نزوله بعد الظهر من كل يوم في ذلك الأوان. فالمسافرون يسافرون عند الزوال لئلا يصيبهم المطر وأهل المدينة ينصرفون إلى منازلهم لأن أمطارها وابلة متدفقة والمدينة مفروشة كلها فإذا نزل المطر غسل جميع أزقتها وأنقاها وجامع