للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجارة ومعيشتهم مما يأتي إليهم في البحر الهندي. وإذا وصل إليهم مركب فرحوا به أشد الفرح وكلامهم ليس بالفصيح مع أنهم عرب وكل كلمة يتكلمون بها يصلونها بلا، فيقولون تأكل لا، تمشي لا، تفعل كذا لا، وأكثرهم خوارج لكنهم لا يقدرون على إظهار مذهبهم لأنهم تحت طاعة السلطان قطب الدين تمهتن ملك هرمز وهو من أهل السنة. وبمقربة من قلهات قرية طيبي واسمها على نحو الطيب إذا أضافه المتكلم لنفسه وهي من أجمل القرى وأبدعها حسناً ذات أنهار جارية وأشجار ناضرة وبساتين كثيرة ومنها تجلب الفواكه إلى قلهات وبها الموز المعروف بالمرواري والمرواري بالفارسية هو الجوهري "المروار الجوهر"، وهو كثير وجلب منها إلى هرمز وسواها وبها أيضا التنبول لكن ورقته صغيرة والتمر يجلب إلى هذه الجهات من عمان. ثم قصدنا بلاد عمان فسرنا ستة أيام في صحراء ثم وصلنا عمان اليوم السابع وهي خصيبة ذات أنهار وأشجار وبساتين وحدائق ونخل وفاكهة كثيرة مختلفة الأجناس ووصلنا إلى قاعدة هذه البلاد وهي مدينة نَزْوَا "وضبط اسمها بنون مفتوح وزاي مسكن وواو مفتوح" مدينة في سفح جبل١ تحف بها البساتين والأنهار. يأتي كل إنسان بما عنده ويجتمعون للأكل في صحن المسجد ويأكل معهم الوارد والصادر. ولهم نجدة وشجاعة والحرب قائمة فيما بينهم أبداً وهم إباضية المذهب٢ ويصلون ظهرا أربعاً فإذا فرغوا منها قرأ الإمام آيات من القرآن ونثر كلاماً شبه الخطبة يرضى فيه عن أبي بكر وعمر، ويسكت عن عثمان وعلي. وهم إذا أرادوا ذكر علي رضي الله عنه كنوا عنه، فقالوا ذكر عن الرجل أو قال. ويرضون عن الشقي اللعين ابن ملجم، ويقولون فيه العبد الصالح قامع الفتنة. ونساؤهم يكثرون الفساد، ولا غيرة عندهم ولا إنكار لذلك. وسنذكر حكاية إثر هذا مما يشهد بذلك.


١ ذكر ياقوت اسم الجبل الذي بسفحه المدينة على أنه: نزوة بتاء مربوطة في آخره، ويرسم اسم المدينة الآن في كثير من المصادر: نزوى بألف مقصورة في آخرها.
٢ الإباضية: إحدى فرق الخوارج، وهي أقربها إلى جماعة المسلمين، ولذلك بقيت فلم تستأصل كغيرها من فرق الخوارج، وتنتشر الآن في سلطنة عمان، وفي مناطق شرق الجزائر على الحدود بينها وبين ليبيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>