وحليم وسفيه ووضيع ونبيه وشريف ومشروف ومنكر ومعروف تموج موج البحر بسكانها وتكاد تضيق بهم على سعة مكانها وإمكانها شبابها يجد على طول العهد وكوكب تعديلها لا يبرح عن منزل السعد قهرت قاهرتها الأمم وتمكنت ملوكها نواصي العرب والعجم ولها خصوصية النيل الذي أجل خطرها وأغناها عن أن يستمد القطر قطرها وأرضها مسيرة شهر لمجد السير كريمة التربة مؤنسة لذي الغربة. قال ابن جزي: وفيها يقول الشاعر:
لَعمرُك ما مصر بمصرٍ وإنما
هي الجنة الدنيا لمن يتبصّر
فأولادها الولدان والحور عينُها
وروضتها الفردوس والنيل كوثر
وفيها يقول ناصر الدين بن ناهض:
شاطئ مصر جنة
...
ما مثلها من بلد
لا سيّما مذ زُخرفَت
...
بنيلها المطّرد
وللرياح فوقه
...
سوابغٌ من زَرَد
مسرودةٌ ما مسّها
...
داوُدُها بمبرد
سائلة هواؤها
...
يرعد عاري الجسد
والفلك كالأفلاك بي
...
ن حادر ومصعد
ويقال أن بمصر من السائقين على الجمال اثني عشر ألف سقاء وأن بها ثلاثين ألف مكار وأن بنيلها من المراكب ستة وثلاثين ألفا للسلطان والرعية تمر صاعدة إلى الصعيد ومنحدرة إلى الإسكندرية ودمياط بأنواع الخيرات والمرافق وعلى ضفة النيل مما يواجه مصر الموضع المعروف بالروضة وهو مكان النزهة والتفرج وبه البساتين الكثيرة الحسنة وأهل مصر ذوو طرب وسرور ولهو شاهدت بها مرة فرجة بسبب برء الملك الناصر من كسر أصاب يده فزين كل أهل سوق سوقهم وعلقوا بحوانيتهم الحلل والحلي وثياب الحرير وبقوا على ذلك أياما.
مسجد عمرو بن العاص والمدارس والمارستانات والزوايا:
ومسجد عمرو بن العاص مسجد شريف كبير القدر شهير الذكر، تقام فيه الجمعة. والطريق يعترضه من شرق إلى غرب وبشرقه الزاوية حيث كان يدرس