وياء مد وراء" مدينة كبيرة على ساحل البحر، معظمها خراب. ولها قلعة متصلة بأعلاها. نزلنا منها بزاوية الشيخ يعقوب وهو من الأحمدية صالح فاضل. ولقينا بخارجها الشيخ عز الدين بن أحمد الرفاعي ومعه زاد الأخلاطي من كبار المشايخ ومعه مائة فقير من المولهين وقد ضرب لهم الأمير الأخية وصنع الشيخ يعقوب ضيافة وحضرتها واجتمعت بهم، وأمير هذه المدينة عمر بك بن السلطان محمد آيدين المذكور آنفاً، وسكناه بقلعتها وكان حين قدومنا عليها عند أبيه ثم قدم بعد خمس من نزولنا بها فكان من مكارمه أن آتى إلي بالزاوية فسلم علي واعتذر وبعث ضيافة عظيمة وأعطاني بعد ذلك مملوكا رومياً خماسياً اسمه نقوله، وثوبين من الكمخا، وهي ثياب حرير وتصنع ببغداد وتبريز ونيسابور وبالصين وذكر لي الفقيه الذي يؤم به أن الأمير لم يبق له مملوك سوى ذلك المملوك الذي أعطاني بسبب كرمه رحمه الله وأعطى أيضاً للشيخ عز الدين ثلاثة أفراس مجهزة وآنية فضية كبيرة تسمى عندهم المشربة مملوءة دراهم وثياباً من الملف والمرعز والقسي والكمخا وجواري وغلماناً. وكان هذا الأمير كريماً صالحاً كثير الجهاد له أجفان غزوية يضرب بها على نواحي القسطنطينية العظمى فيسبي ويغنم ويفني ذلك كرماً وجوداً، ثم يعود إلى الجهاد إلى أن اشتدت على الروم وطأته فرفعوا أمرهم إلى البابا فأمر نصارى جنوة وإفرانسة بغزوه. وجهز جيشاً من رومية وطرقوا مدينته ليلاً في عدد كثيرر من الأجفان وملكوا المرسى والمدينة ونزل إليهم الأمير عمر من القلعة فقاتلهم فاستشهد هو وجماعة من ناسه واستقر النصارى بالبلد ولم يقدروا على القلعة لمنعتها. ثم سافرنا من هذه المدينة إلى مدينة مَغْنِيسِيَّة "وضبط اسمها بميم مفتوحة وغين معجمة مسكنة ونون مكسورة وياء مد وسين مهملة مكسورة وياء آخر الحروف مشددة" نزلنا بها عشى يوم عرفة بزاوية رجل من الفتيان، وهي مدينة كبيرة حسنة في سفح جبل وبسيطها كثير الأنهار والعيون والبساتين والفواكه.