للنصارى ويذكر أنه حاصر مدينة برتيك نحو عشرين سنة ومات قبل فتحها، فحاصرها ولده هذا الذي ذكرناه اثنتي عشرة سنة وافتتحها وكان بها لقائي له وبعث إلي بدراهم كثيرة، ثم سافرنا إلى مدينة يَزْنيك "وضبط اسمها بفتح الياء آخر الحروف وإسكان الزاي وكسر النون وياء مد وكاف" وبتنا قبل الوصول إليها ليلة بقرية تدعى كَرْلَه بزاوية فتى من الأخية، ثم سرنا من هذه القرية يوماً كاملاً في أنهار ماء على جوانبها أشجار الرمان الحلو والحامض ثم وصلنا إلى بحيرة ماء تنبت القصب على ثمانية أميال من يزنيك لا يستطاع دخولها إلا على طريق واحد مثل الجسر لا يسلك عليها إلا فارس واحد وبذلك امتنعت هذه المدينة والبحيرة محيطة بها من جميع الجهات وهي خاوية على عروشها لا يسكن بها إلا أناس قليلون من خدام السلطان وبها زوجته بيون١ خاتون وهي الحاكمة عليهم امرأة صالحة فاضلة. وعلى المدينة أسوار أربعة بين كل سورين خندق وفيه الماء ويدخل إليها على جسور خشب متى أرادوا رفعها رفعوها. وبداخل المدينة البساتين والدور والأرض والمزارع فلكل إنسان داره ومزرعته وبستانه مجموعة وشربها من آبار بها قريبة وبها من جميع أصناف الفواكه والجوز، والقسطل عندهم كثير جداً رخيص الثمن ويسمون القسطل قسطنة بالنون والجوز القوز بالقاف، وبها العنب العذاري لم أر مثله في سواها متناهي الحلاوة وعظيم الجرم صافي اللون رقيق القشر للحبة منه نواة واحدة. أنزلنا بهذه المدينة الفقيه الإمام الحاج المجاور علاء الدين السلطانيوكي وهو شيخ الفضلاء والكرماء ما جئت قط لزيارته إلا أحضر الطعام وصورته حسنة وسيرته أحسن وتوجه معي إلى الخاتون المذكورة فأكرمت وأضافت وأحسنت. وبعد قدومنا بأيام وصل إلى هذه المدينة السلطان أرخان بك الذي ذكرناه. وأقمت بهذه المدينة نحو أربعين يوماً بسبب مرض فرس لي، فلما طال علي المكث تركته وانصرفت ومعي ثلاثة من أصحابي وجارية وغلامان. وليس معنا من يحسن اللسان التركي ويترجم عنا. وكان معنا ترجمان فارقنا بهذه المدينة.
ثم خرجنا منها فبتنا بقرية يقال لها مَكجَا "بفتح الميم والكاف والجيم" بتنا عند فقيه أكرمنا وأضافنا. وسافرنا من عنده وتقدمتنا