امرأة من الترك على فرس ومعها خديم لها، وهي قاصدة مدينة ينجا ونحن في اتباع أثرها فوصلت إلى واد كبير يقال له سقري كأنه نسب إلى سقر أعاذنا الله فذهبت تجوز الوادي فلما توسطته كادت الدابة تغرق بها ورمتها عن ظهرها وأراد الخديم الذي كان معها استخلاصها فذهب الوادي بهما معا وكان في عدوة الوادي قوم رموا بأنفسهم في أثرهما سباحة فأخرجوا المرأة وبها من الحياة رمق ووجدوا الرجل قد قضى نحبه رحمه الله. وأخبرنا أولئك الناس أن المعديّة أسفل من ذلك الموضع فتوجهنا إليها وهي أربع خشبات مربوطة بالجبال يجعلون عليها سروج الدواب والمتاع ويجذبها الرجال من العدوة الأخرى ويركب عليها الناس وتجاز الدواب سباحة وكذلك فعلنا. ووصلنا تلك الليلة إلى كاوية واسمها على مثال فاعلة من الكي نزلنا منها بزاوية أحد الأخية فكلمناه بالعربية فلم يفهم، وكلمنا بالتركية فلم نفهم عنه، فقال اطلبوا الفقيه فإنه يعرف العربية فأتى الفقيه فكلمنا بالفارسية وكلمناه بالعربية فلم يفهمها منا، فقال للفتى: ايشان عربي كهنا ميقوان ميكو يندو من عربي نو ميدانم، وإيشان معناه هؤلاء وكهنا قديم وميقوان يقولون ومن أنا ونو جديد وميدانم تعرف، وإنما أراد الفقيه بهذا الكلام ستر نفسه عن الفضيحة عندما ظنوا أنه يعرف اللسان العربي فهو لا يعرفه فقال هؤلاء يتكلمون بالعربي القديم وأنا لا أعرف إلا العربي الجديد فظن الفتى أن الأمر على ما قاله الفقيه.
ونفعنا ذلك عنده وبالغ في إكرامنا، وقال هؤلاء تجب كرامتهم لأنهم يتكلمون باللسان العربي القديم وهو لسان النبي صلى الله عليه وسلم تسليما وأصحابه، ولم نفهم كلام الفقيه إذا ذاك لكنني حفظت لفظه فلما تعلمت اللسان الفارسي فهمت مراده. وبتنا تلك الليلة بالزاوية. وبعث معنا دليلاً إلى ينجا بلدة كبيرة حسنة بحثنا بها عن زاوية الأخي فوجدنا بها أحد الفقراء المولهين فقلت له زاوية الأخي فقال لي: نعم فسررت عند ذلك إذ وجدت من يفهم اللسان العربي. فلما اختبرته أبرز الغيب أنه لا يعرف من اللسان العربي إلا كلمة نعم خاصة. ونزلنا بالزاوية وجاء إلينا أحد الطلبة بطعام ولم يكن الأخي حاضراً وحصل الأنس بهذا الطالب ولم يكن يعرف اللسان العربي ولكنه تفضل وتكلم مع نائب البلدة فأعطاني فارساً من أصحابه، وتوجه معنا إلى كَبْنوك "وضبط