الوجهة إمامه سعد الدين والخطيب أبو بكر والقاضي شمس الدين والفقيه شرف الدين موسى، والمعرف علاء الدين. وخطة هذا المعرف أن يكون بين يدي الأمير في مجلسه. فإذا أتى القاضي يقف له هذا المعرف ويقول بصوت عال. بسم الله سيدنا ومولانا قاضي القضاة والحكام مبين الفتاوي والأحكام بسم الله. وإذا أتى فقيه معظم أو رجل مشار إليه قال بسم الله سيدنا ومولانا فلان الدين بسم الله. فتهيأ من كان حاضراً لدخول الداخل ويقوم إليه ويفسح له في المجلس وعادة الأتراك أن يسيروا في هذه الصحراء سيراً كسير الحجاج في درب الحجاز ويرحلون بعد صلاة الصبح وينزلون ضحى ويرحلون بعد صلاة الظهر وينزلون عشياً وإذا حلُّوا الخيل والإبل والبقر عن العربات سرّحوها للرعي ليلاً ونهاراً. ولا يعلف أحد دابة السلطان ولا غيره وخاصية هذه الصحراء أن نباتها يقوم مقام الشعير للدواب وليس لغيرها من البلاد هذه الخاصية ولذلك كثرت الدواب بها ودوابهم لا رعاة لها ولا حراس وذلك لشدة أحكامهم في السرقة وحكمهم فيها أنه من وجد عنده فرس مسروق كلف أن يرده إلى صاحبه ويعطيه معه تسعة مثله فإن لم يقدر على ذلك أخذ أولاده في ذلك فإن لم يكن له أولاد ذبح كما تذبح الشاة.
وهؤلاء الأتراك لا يأكلون الخبز ولا الطعام الغليظ وإنما يصنعون طعاما من شيء شبه الآتلي يسمونه الدوقي "بدال مهمل مضموم وواو وقاف مكسور معقود" يجعلون على النار الماء فإذا غلي صبوا عليه شيئا من الدوقي وإن كان عندهم لحم قطعوه قطعاً صغارا وطبخوه ثم يجعل لكل رجل نصيبه في صحفة ويصبون عليه اللبن الرائب ويشربونه ويشربون عليه لبن الخل وهم يسمونه القِمِزّ "بكسر القاف والميم والزاي المشددة" وهم أهل قوة وشدة وحسن مزاج يستعملون في بعض الأوقات طعاماً يسمونه البورخاني، وهو عجين يقطعونه قطيعات صغارا ويثقبون أوساطها ويجعلونها في قدرة فإذا طبخت صبوا عليها اللبن الرائب وشربوها ولهم نبيذ يصنعونه من حب الدُوقِي الذي تقدم ذكره وهم يرون أكل الحلواء عيباً.
ولقد حضرت يوما عند السلطان أوزبك في رمضان، فأحضرت لحوم الخيل وهي أكثر ما يأكلون من اللحم ولحوم الأغنام والرشتا وهو شبه الأطرية يطبخ ويشرب باللبن وأتيته تلك الليلة بطبق حلواء صنعها بعض أصحابي