للقائه، ومعه القاضي والطلبة وأعدوا له الضيافة وضربوا ثلاث قباب متصلا بعضها ببعض إحداها من الحرير عجيبة والثنتان من الكتان وأداروا عليها سراجة وهي المسماة عندنا أفراج وخارجها الدهليز وهو على هيئة البرج عندنا. ولما نزل الأمير بسطت بين يديه شقاق الحرير يمشي عليها فكان من مكارمه وفضله أن قدمني أمامه ليرى ذلك الأمير منزلتي عنده، ثم وصلنا إلى الخباء الأولى وهي المعدة لجلوسه وفي صدرها كرسي من الخشب لجلوسه كبير مرصع وعليه مرتبة حسنة فقدمني الأمير أمامه وقدم الشيخ مظفر الدين وصعد هو فجلس فيما بيننا ونحن جميعا على المرتبة وجلس قاضيه وخطيبه وقاضي هذه المدينة وطلبتها عن يسار الكرسي على فرش فاخرة ووقف ولدا الأمير تلكتمور وأخوه الأمير محمد وأولاده في الخدمة ثم أتوا بالأطعمة من لحوم الخيل وسواها وأتوا بألبان الخيل ثم أتوا بالبوزة وبعد الفراغ من الطعام قرأ القراء بالأصوات الحسان ثم نصب منبر وصعده الواعظ وجلس القراء بين يديه وخطب خطبة بليغة ودعا للسلطان وللأمير وللحاضرين يقول ذلك بالعربي ثم يفسره لهم بالتركي وفي أثناء ذلك يكرر القراء آيات من القرآن بترجيع عجيبٍ ثم أخذوا في الغناء يغنون بالعربي ويسمونه القول ثم بالفارسي يسمونه الملمع، ثم أتوا بطعام آخر، ولم يزالوا على ذلك إلى العشي وكلما أردت الخروج منعني الأمير ثم جاءوا بكسوة للأمير وكساوي لولديه وأخيه والشيخ مظفر الدين ولي وأتوا بعشرة أفراس للأمير ولأخيه ولولديه بستة أفراس ولكل كبير من أصحابه بفرس ولي بفرس. والخيل بهذه البلاد كثيرة جدا وثمنها نزر قيمة الجيد منها خمسون درهماً أو ستون من دراهمهم وذلك صرف دينار من دنانيرنا أو نحوه، وهذه الخيل هي التي تعرف بمصر بالأكاديش ومنها معاشهم وهي ببلادهم كالغنم ببلادنا بل أكثر فيكون للتركي منهم آلاف منها.
ومن عادة الترك المستوطنين تلك البلاد أصحاب الخيل أنهم يضعون في العربات التي تركب فيها نساؤهم قطعة لبد في طول الشبر مربوطة إلى عود رقيق في طول الذراع في ركن العربة ويجعل لكل ألف فرس قطعة. ورأيت منهم من يكون له عشر قطع ومن له دون ذلك وتحمل هذه الخيل إلى بلاد الهند فيكون في الرفقة منها ستة آلاف وما فوقها وما دونها، لكل تاجر المائة