بسبب فتنة وقعت بين الروم والترك وكانت الغلبة للروم فانتصر للترك أصحابهم وقتلوا الروم شر قتلة ونفوا أكثرهم وبقي بعضهم تحت الذمة إلى الآن. وكانت الضيافة تحمل إلى الخاتون في كل منزل من تلك البلاد من الخيل والغنم والبقر الدوقي والقمز وألبان البقر والغنم. والسفر في هذه البلاد مضحىً ومعشىً. وكل أمير بتلك البلاد يصحب الخاتون بعساكره إلى آخر حد بلاده تعظيماً لها لا خوفاً عليها لأن تلك البلاد آمنة. ثم وصلنا إلى البلدة المعروفة باسم بابا سلطوق وبابا عندهم بمعناه عند البربر سواء إلا أنهم يفخمون الباء، وسَلْطُوق "بفتح السين المهمل وإسكان اللام وضم الطاء المهمل وآخره قاف"، ويذكرون أن سلطوق هذ كان مكاشفاً لكن يذكر عنه أشياء ينكرها الشرع. وهذه البلاد آخر بلاد الأتراك بينها وبين أول عمالة الروم ثمانية عشر يوماً في برية غير معمورة منها ثمانية أيام لا ماء بها يتزود لها الماء ويحمل في الروايا والقرب على العربات وكان دخولنا إليها في أيام البرد فلم نحتج إلى كثير من الماء والأتراك يرفعون الألبان في القرب ويخلطونها بالدوقي المطبوخ ويشربونها فلا يعطشون وأخذنا من هذه البلدة في الاستعداد للبرية واحتجت إلى زيادة أفراس فأتيت الخاتون فأعلمتها بذلك. وكنت أسلم عليها صباحاً ومساءً ومتى أتيتها ضيافة تبعث إلي بالفرسين والثلاثة وبالغنم فكنت أترك الخيل لأذبحها وكان من معي من الغلمان والخدم يأكلون مع أصحابنا الأتراك فاجتمع لي نحو خمسين فرساً. وأمرت إلي الخاتون بخمسة عشر فرساً وأمرت وكيلها ساروجة الرومي أن يختارها سماناً من خيل المطبخ وقالت لا تخف فإن احتجت إلى غيرها زدناك. ودخلنا البرية في منتصف ذي القعدة فكان سيرنا من يوم فارقنا السلطان إلى أول البرية تسعة وعشرين يوماً وإقامتنا خمسة ورحلنا من هذه البرية ثمانية عشر يوماً مضحىً ومعشىً وما رأينا إلا خيراً. والحمد لله.
ثم وصلنا بعد ذلك إلى حصن مَهْتُولي، وهو أول عمالة الروم "وضبط اسمه بفتح الميم وسكون الهاء وضم التاء المعلوة وواو مد ولام مكسورة وياء" وكانت الروم قد سمعت بقدوم هذه الخاتون على بلادها، فوصلنا إلى هذا