الحصن فاستقبلنا كفالي نقوله الرومي في عسكر عظيم وضيافة عظيمة وجاءت الخواتين والدايات من دار أبيها ملك القسطنطينية وبين مَهْتُولي والقسطنطينية مسيرة اثنين وعشرين يوماً منها ستة عشر يوماً إلى الخليج وستة منه إلى القسطنطينية ولا يسافر من هذا الحصن إلا بالخيل والبغال وتترك العربات به لأجل الوعر والجبال وجاء كفالي المذكور ببغال كثيرة وبعثت إلي الخاتون بستة منها وأوصت أمير ذلك الحصن بمن تركته من أصحابي وغلماني مع العربات والأثقال فأمر لهم بدار ورجع الأمير بيدرة بعساكره ولم يسافر مع الخاتون إلا ناسها وتركت مسجدها بهذا الحصن وارتفع حكم الأذان. وكان يؤتى إليها بالخمور في الضيافة فتشربها وبالخنازير وأخبرني بعض خواصها أنها أكلتها ولم يبق معها من يصلي إلا بعض الأتراك كان يصلي معنا. وتغيرت البواطن لدخولنا في بلاد الكفر. ولكن الخاتون أوصت الأمير كفالي بإكرامي. ولقد ضرب مرة بعض مماليكه لما ضحك من صلاتنا. ثم وصلنا حصن مسلمة بن عبد الملك وهو بسفح جبل على نهر زخار يقال له اصطقيلي ولم يبق من هذا الحصن إلا آثاره وبخارجه قرية كبيرة، ثم سرنا يومين ووصلنا إلى الخليج وعلى ساحله قرية كبيرة فوجدنا فيه المد فأقمنا حتى كان الجزر وخضناه وعرضه نحو ميلين ومشينا أربعة أميال في رمال ووصلنا الخليج الثاني فخضناه وعرضه نحو ثلاثة أميال ثم مشينا نحو ميلين في حجارة ورمل ووصلنا الخليج الثالث وقد ابتدأ المد فتعبنا فيه وعرضه ميل واحد فعرض الخليج كله مائيه ويابسه اثنا عشر ميلا وتصير ماء كلها في أيام المطر فلا تخاض إلا في القوارب.
وعلى ساحل هذا الخليج الثالث مدينة الفَنِيكة "واسمها بفاء مفتوحة ونون وياء مد وكاف مفتوح"، وهي صغيرة لكنها حسنة مانعة وكنائسها وديارها حسان والأنهار تخرقها والبساتين تحفها ويدخر بها العنب والإجاص والتفاح والسفرجل من السنة إلى الأخرى. وأقمنا بهذه المدينة ثلاثاً. والخاتون في قصر لأبيها هنالك ثم قدم أخوها وشقيقها واسمه كفالي قراس في خمسة آلاف فارس شاكي، السلاح ولما أرادوا وا لقاء الخاتون ركب أخوها المذكور فرساً أشهب ولبس ثياباً بيضاء وجعل رأسه مظلّلاً مكلّلاً بالجواهر، وجعل عن يمينه خمسة من أبناء الملوك وعن يساره مثلهم لابسين البياض أيضاً وعليهم مظللات مزركشة بالذهب، وجعل بين يديه مائة من المشائين ومائة فارس قد