أسبغوا الدروع على أنفسهم وخيلهم، وكل واحد منهم يقود فرساً مسرجاً مدرعاً عليه شكة فارس من البيضة المجوهرة والدروع والتركش والقوس والسيف، وبيده رمح في طرف رأسه راية. وأكثر تلك الرماح مكسوة بصفائح الذهب والفضة وتلك الخيل المقودة هي مراكب ابن السلطان وقسم فرسانه على أفواج كل فوج فيه مائتا فارس، لهم أمير قد قدم أمامه عشرة من الفرسان شاكي السلاح وكل واحد منهم يقود فرساً وخلفه عشرة من العلامات ملونة بأيدي عشرة من الفرسان وعشرة أطبال يتقلدها عشرة من الفرسان ومعهم ستة يضربون الأبواق والأنفار والصرنايات وهي الغيطات. وركبت الخاتون في مماليكها وجواريها وفتيانها وخدامها وهم نحو خمسمائة عليهم ثياب الحرير المزركشة بالذهب والفضة المرصعة وعلى الخاتون حلة يقال لها النخ ويقال لها أيضا النسيج مرصعة بالجوهر وعلى رأسها تاج مرصع فرسها مجلل بحرير مزركش بالذهب، وفي يديه ورجليه خلاخل الذهب وفي عنقه قلائد مرصعة ومعظم السرج مكسو ذهباً مكلل جوهراً وكان التقاؤهما في بسيط من الأرض على نحو ميل من البلد وترجل لها أخوها لأنه أصغر منها وقبل ركابها وقبلت رأسه وترجل الأمراء وأولاد الملوك وقبّلوا جميعاً ركابها وانصرفت مع أخيها. وفي غد ذلك اليوم وصلنا إلى مدينة كبيرة على ساحل البحر لا نثبت الآن اسمها ذات أنهار وأشجار نزلنا بخارجها ووصل أخو الخاتون ولي العهد في ترتيب عظيم وعسكر ضخم من عشرة آلاف مدرع وعلى رأسه تاج وعن يمينه نحو عشرين من أبناء الملوك وعن يساره مثلهم وقد رتب فرسانه على ترتيب أخيه سواء إلا أن الحفل أعظم والجمع أكثر وتلاقت معه أخته في مثل زيها الأول وترجلاَ جميعاً وأوتي بخباء حرير فدخلت فيه ولا أعلم كيفية سلامها. ونزلنا على عشرة أميال من القسطنطينية فلما كان الغد خرج أهلها من رجال ونساء وصبيان ركباناً ومشاة في أحسن زي وأجمل لباس وضربت عند الصبح الأطبال والأبواق والأنفار وركبت العساكر وخرج السلطان وزوجته أم هذه الخاتون وأرباب هذه الدولة والخواص وعلى رأس الملك رواق يحمله جملة من الفرسان ورجال بأيديهم عصى طوال في أعلى كل عصا شبه كرة من جلد يرفعون بها الورق وفي وسط الرواق مثل القبة يرفعها الفرسان بالعصى ولما أقبل السلطان اختلطت العساكر وكثر العجاج ولم أقدر على الدخول فيما بينهم فلزمت أثقال الخاتون وأصحابها خوفاً على نفسي. وذكر