للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكنيسة العظمى هي في وسط هذا القسم من المدينة. وأمام القسم الثاني منها فيسمى الغَلَطَة "بغين معجمة ولام وطاء مهمل مفتوحات" وهو بالعدوة الغربية من النهر شبيه برباط الفتح في قربةه من النهر. وهذا القسم خاص بنصارى الإفرنج يسكنونه وهم أصناف فمنهم الجنويون والبنادقة وأهل رومية وأهل إفرانسة. وحكمهم إلى ملك القسطنطينية، يقدم عليهم منهم من يرتضونه ويسمونه القمص وعليهم وظيفة في كل عام لملك القسطنطينية. وربما استعصوا عليه فيحاربهم حتى يصلح بينهم البابا وجميعهم أهل تجارة ومرساهم من أعظم المراسي رأيت به نحو مائة جفن من القراقر وسواها من الكبار، وأما الصغار فلا تحصى كثرة. وأسواق هذا القسم حسنة إلا أن الأقذار غالبة عليها ويشقها نهر صغير قذر نجس وكنائسهم لا خير فيها.

إلاّ أن الكنيسة العظمى - إنما نذكر خارجها، وأما داخلها فلم أشاهده - كانت تسمى عندهم أَيَاصُوفِيَا "بفتح الهمزة والياء آخر الحروف وألف وصاد مضموم وواو مد وفاء مكسورة وياء كالأولى وألف" ويذكر أنها من بناء آصف بن برخياء وهو ابن خالة سليمان عليه السلام. وهي من أعظم كنائس الروم وعليها سور يطيف بها فكأنها مدينة وأبوابها ثلاثة عشر باباً. ولها حرم هو نحو ميل عليه باب كبيرة ولا يمنع أحد من دخوله وقد دخلته مع والد الملك الذي يقع ذكره، وهو شبه مشهور مسطح بالرخام وتشقه ساقية تخرج من الكنيسة لها حائطان مرتفعان نحو ذراع مصنوعان بالرخام المجزع المنقوش بأحسن صنعة والأشجار منظمة عن جهتي الساقية ومن باب الكنيسة إلى باب هذا المشور معرش من الخشب مرتفع عليه دوالي العنب وفي أسفله الياسمين والرياحين وخارج باب هذا المشور قبة خشب كبيرة فيها طبلات خشب يجلس عليها خدام ذلك الباب وعن يمين القبة مساطب وحوانيت أكثرها من الخشب يجلس بها قضاتهم وكتاب دواوينهم وفي وسط تلك الحوانيت قبة خشب يصعد إليها على درج خشب وفيها كرسي كبير مطبق بالملف يجلس فوقه قاضيهم وسنذكره. وعن يسار القبة التي على باب هذا المشور سوق العطارين والساقية التي ذكرناها تنقسم قسمين أحدهما يمر بسوق العطارين والآخر يمر بالسوق حيث القضاة والكتاب وعلى باب الكنيسة سقائف يجلس بها خدامها الذين يقمّون طرقها ويوقدون سرجها ويغلقون أبوابها ولا يدعون

<<  <  ج: ص:  >  >>