للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجماني، وأصلي من بلاد الشام. فسألته كيف أسلم. فقال قل السلام عليكم. ثم وصلت إلى قبة عظيمة. والسلطان على سريره وزوجته أم هذه الخاتون بين يديه وأسفل السرير الخاتون وإخوتها وعن يمينه ستة رجال وعن يساره أربعة وكلهم بالسلاح فأشار إلي قبل السلام والوصول إليه بالجلوس هنيهة ليسكن روعي ففعلت ذلك ثم وصلت إليه فسلمت عليه وأشار أن أجلس فلم أفعل وسألني عن بيت المقدس والصخرة المقدسة وعن القمامة وعن مهد عيسى وعن بيت لحم وعن مدينة الخليل عليه السلام ثم عن دمشق ومصر والعراق وبلاد الروم فأجبته عن ذلك كله، واليهودي يترجم بيني وبينه. فأعجبه كلامي وقال لأولاده: أكرموا هذا الرجل وأمنوه ثم خلع علي خلعة، وأمر لي بفرس ملجم ومظلة من التي يجعله الملك فوق رأسه وهي علامة الأمان. وطلبت منه أن يعين من يركب معي بالمدينة في كل يوم حتى أشاهد عجائبها وغرائبها وأذكرها في بلادي. فعين لي ذلك. ومن العوائد عندهم أن الذي يلبس خلعة الملك ويركب فرسه يطاف به في أسواق المدينة بالأبواق والأنفار والأطبال ليراه الناس وأكثر ما يفعل ذلك بالأتراك الذين يأتون من بلاد السلطان أوزبك لئلا يؤذون فطافوا بي في الأسواق.

كانت المدينة متناهية في الكبر منقسمة بقسمين بينهما نهر عظيم المد والجزر، على شكل وادي سلا من بلاد المغرب. وكانت عليه فيما تقدم قنطرة مبنية فخربت وهو الآن يعبر في القوارب واسم هذا النهر أَبْسُمِي "بفتح الهمزة وإسكان الباء الموحدة وضم السين المهمل وكسر الميم وياء مد". وأحد القسمين من المدينة يسمى أصْطَنبول "بفتح الهمزة وإسكان الصاد وفتح الطاء المهملتين وسكون النون وضم الباء الموحدة وواو مد ولام"، وهو بالعدوة الشرقية من النهر وفيه سكنى السلطان وأرباب دولته وسائر الناس وأسواقه وشوارعه مفروشة بالصفاح متسعة وأهل كل صناعة على حدة لا يشاركهم سواهم وعلى كل سوق أبواب تسد عليه بالليل وأكثر الصناع والباعة بها نساء والمدينة في سفح جبل داخل في البحر نحو تسعة أميال وعرضه مثل ذلك أو أكثر وفي أعلاه قلعة صغيرة وقصر السلطان. والسور يحيط بهذا الجبل، وهو مانع لا سبيل لأحد إليه من جهة البحر. وفيه نحو ثلاث عشرة قرية عامرة

<<  <  ج: ص:  >  >>