القواصر، كما يصنع عندنا بالشريحة وبالتين المالقي. ويحمل من خوارزم إلى أقصى بلاد الهند والصين. وليس في جميع الفواكه اليابسة أطيب منه. وكنت أيام إقامتي بدلهي من بلاد الهند متى قدم المسافرون بعثت من يشتري لي منهم قديد البطيخ وكان ملك الهند إذا أتي إليه بشيء منه بعث إلي به لما يعلم من محبتي فيه ومن عادته أنه يطرف الغرباء بفواكه بلادهم ويتفقدهم بذلك.
وكان قد صحبني من مدينة السرا إلى خوارزم شريف من أهل كربلاء يسمى علي بن منصور وكان من التجار فكنت أكلفه أن يشتري لي الثياب وسواها فكان يشتري لي الثوب بعشرة دنانير ويقول اشتريتها بثمانية ويحاسبني بالثمانية ويدفع الدينارين من ماله وأنا لا علم لي بفعله إلا أن تعرفت على ذلك من ألسنة الناس وكان مع ذلك قد أسلفني دنانير فلما وصل إلى إحسان أمير خوارزم رددت إليه ما أسلفنيه وأردت أن أحسن بعده إليه مكافأة لأفعاله الحسنة فأبى ذلك وحلف أن لا أفعل وأردت أن أحسن إلى فتى كان اسمه كافور فحلف أن لا أفعل وكان أكرم من لقيته من العراقيين. وعزم على السفر معي إلى بلاد الهند ثم أن جماعة من أهل بلده وصلوا خوارزم برسم السفر إلى الصين فأخذ في السفر معهم فقلت له في ذلك فقال هؤلاء أهل بلدي يعودون إلى أهلي وأقاربي ويذكرون إني سافرت إلى الهند برسم الهدية فيكون سبّة عليّ. لا أفعل ذلك. وسافر معهم إلى الصين فبلغني بعد وأنا بأرض الهند أنه لما بلغ إلى مدينة المالق وهي آخر البلاد من عمالة ما وراء النهر وأول بلاد الصين أقام بها وبعث فتى له بما كان عنده من المتاع فأبطأ الفتى عليه وفي أثناء ذلك وصل من بلده بعض التجار ونزل معه في فندق واحد فطلب منه الشريف أن يسلفه شيئا بخلال ما يصل فتاه فلم يفعل ثم أكد قبح ما صنع في عدم التوسعة على الشريف بأن أراد الزيادة عليه في المسكن الذي كان له في الفندق فبلغ ذلك الشريف فاغتم منه ودخل إلى بيته فذبح نفسه فأدرك وبه رمق واتهموا غلاماً كان له بقتله فقال لا تظلموه فإني أنا فعلت ذلك ومات من يومه غفر الله له.
وكان قد حكى لي عن نفسه أنه أخذ مرة من بعض تجار دمشق ستة آلاف درهم