عالجت له دملاً كان تحت ركبته وبقي أثره وبه أعرفه فأتى إليه ذلك الحكيم واستقبله مع الأمراء ودخل عليه ولازمه لسابقته عنده وأخذ يغمز رجليه وكشف عن الأثر فشتمه وقال له تريد أن تنظر إلى الدم الذي عالجته؟ ها هو ذا وأراه أثره فتحقق أنه هو، وعاد إلى ملك الهند فأعلمه بذلك ثم أن الوزير خواجه جهان أحمد بن إياس وكبير الأمراء قطلوخان معلم السلطان أيام صغره دخلا على ملك الهند وقالا له يا خوند عالم هذا السلطان طرمشيرين قد وصل وصحّ أنه هو وها هنا من قومه نحو أربعين ألفاً وولده وصهره أرأيت أن اجتمعوا عليه ما يكون من العمل؟ فوقع هذا الكلام بموقع منه عظيم وأمر أن يؤتى بطرمشيرن معجلاً. فلما دخل عليه أمر بالخدمة كسائر الواردين ولم يعظم وقال له السلطان: يا مادر كاني، وهي شتمة قبيحة، كيف تكذب وتقول إنك طرمشيرين، وطرمشيرين قد قتل وهذا خادم تربته عندنا والله لولا المعرة لقتلتك ولكن أعطوه خمسة آلاف دينار، واذهبوا به إلى دار بشاي أغلي وأخته ولدي طرمشيرن وقولوا لهم أن هذا الكاذب يزعم أنه والدكم فدخل عليهم فعرفوه وبات عندهم والحراس يحرسونه وأخرج بالغد وخافوا أن يهلكوا بسببه فأنكروه.
ونفي عن بلاد الهند والسند فسلك طريق كبج ومكران وأهل البلاد يكرمونه ويضيفونه ويهادونه ووصل إلى شيراز فأكرمه سلطانها أبو إسحق وأجرى له كفايته ولما دخلت عند وصولي من الهند إلى مدينة شيراز ذكر لي أنه باق بها وأردت لقاءه ولم أفعل لأنه كان في دار لا يدخل إليه أحد إلا بإذن من السلطان أبي إسحق فخفت مما يتوقع بسبب ذلك ثم ندمت على لقائه.
رجع الحديث إلى بوزن: وذلك أنه لما ملك، ضيق على المسلمين وظلم الرعية وأباح للنصارى واليهود عمارة كنائسهم فضج المسلمون من ذلك وتربصوا به الدوائر واتصل خبره بخليل بن السلطان اليسور المهزوم على خراسان، فقصد ملك هراة، وهو السلطان حسين بن السلطان غياث الدين الغوري فأعلمه بما كان في نفسه وسأل منه الإعانة بالعساكر والمال على أن يشاطره الملك إذا استقام فبعث معه الملك حسين عسكراً عظيماً. وبين هراة وترمذ تسعة أيام. فلما سمع أمراء السلطان بقدوم خليل تلقوه بالسمع والطاعة