العظيم وقد نصر الله السنة على يديه وأطفأ نار الفتنة وكانت هذه الوقعة بعد خروجي من الهند عام ثمانية وأربعين. ونشأ بهراة رجل من الزهاد والصلحاء الفضلاء واسمه نظام الدين مولانا وكان أهل هراة يحبونه ويرجعون إلى قوله وكان يعظهم ويذكرهم وتوافقوا معه على تغيير المنكر وتعاقد معهم على ذلك خطيب المدينة المعروف بالملك ورنا وهو ابن عم الملك حسين ومتزوج بزوجة والده وهي من أحسن الناس صورة وسيرة. والملك يخافه على نفسه وسنذكر خبره. وكانوا متى علموا بمنكر ولو كان عند الملك غيّروه.
وعلمت أنهم تعرفوا يوماً أن بدار الملك حسين منكراً فاجتمعوا لتغييره وتحصن منهم بداخل داره فاجتمعوا على الباب في ستة آلاف رجل فخاف منهم. فاستحضر الفقيه وكبار البلد وكان قد شرب الخمر فأقاموا عليه الحد بداخل قصره، وانصرفوا عنه.
كانت الأتراك المجاورون لمدينة هراة الساكنون بالصحراء وملكهم غيتمور الذي مر ذكره وهم خمسين ألفاً يخافهم الملك حسين ويهدي لهم الهدايا في كل سنة ويداريهم وذلك قبل هزيمته للرافضة، وأما بعد هزيمته للرافضة تغلب عليهم. ومن عادة هؤلاء الأتراك التردد إلى مدينة هراة وربما شربوا بها الخمر وأتاها بعضهم وهو سكران. فكان نظام الدين يحد من وجد منهم سكراناً وهؤلاء الأتراك أهل نجدة وبأس ولا يزالون يضربون على بلاد الهند فيسبون ويقتلون وربما سبوا بعض المسلمات اللاتي يكن بأرض الهند ما بين الكفار فإذا خرجوا بهم إلى خراسان يطلق نظام الدين المسلمات من أيدي الترك وعلامة النسوة المسلمات بأرض الهند ترك ثقب الأذن والكافرات آذانهن مثقوبات، فاتفق مرة أن أمير اً من أمراء الترك يسمى تمور ألطي سبى امرأة وكلف بها شديداً، فذكرت أنها مسلمة، فانتزعها الفقيه من يده. فبلغ ذلك من التركي مبلغاً عظيماً وركب في آلاف من أصحابه وأغار على خيل هراة وهي في مرعاها بصحراء مرغيس "بدغيس"، واحتملوها. فلم يتركوا لأهل هراة ما يركبون ولا ما يحلبون وصعدوا بها إلى جبل هنالك لا يقدر عليهم فيه ولم يجد السلطان ولا جندة خيلاً يتبعونهم بها فبعث إليهم رسولاً يطلب منهم رد ما أخذون من الماشية والخيل ويذكرهم العهد الذي بينهم فأجابوا بأنهم لا يردون ذلك حتى يمكن من الفقيه نظام الدين، فقال السلطان: لا سبيل إلى هذا. وكان