الشيخ أبو أحمد الجستي حفيد الشيخ مودود الجستي له بخراسان شأن عظيم، وقوله معتبر لديهم فركب في جماعة خيل من أصحابه ومماليكه فقال أنا أحمل الفقيه نظام الدين معي إلى الترك ليرضُوا بذلك ثم أرده فكأن الناس مالوا إلى قوله ورأى الفقيه نظام الدين اتفاقهم على ذلك فركب مع الشيخ أبو أحمد ووصل إلى الترك فقام إليه الأمير تمور ألطي، وقال له: أنت أخذت امرأتي مني وضربه بدبوسه فكسر دماغه فخر ميتاً. فسقط في أيدي الشيخ أبي أحمد وانصرف من هنالك إلى بلده ورد الترك ما كانوا أخذوه من الخيل والماشية. وبعد مدة قدم ذلك التركي الذي قتل الفقيه على مدينة هراة فلقيه جماعة من أصحاب الفقيه فتقدموا إليه كأنهم مسلمون عليه وتحت ثيابهم السيوف فقتلوه وفر أصحابه، ولما كان بعد هذا بعث الملك حسين ابن عمه ملك ورنا الذي كان رفيق الفقيه نظام الدين في تغيير المنكر رسولاً إلى ملك سجستان فلما حصل بها بعث إليه أن يقيم هنالك ولا يعود إليه فقصد بلاد الهند ولقيته وأنا خارج منها بمدينة سيوستان من السند، وهو أحد الفضلاء، وفي طبعه حب الرياسة والصيد والبراز والخيل والمماليك والأصحاب واللباس الملوكي الفاخر ومن كان على هذا الترتيب فإنه لا يصلح حاله بأرض الهند فكان من أمره أن ملك الهند ولاّه بلداً صغيراً. وقتله به بعض أهل هراء المقيمين بالهند بسبب جارية. وقيل: أن ملك الهند دس عليه من قتله بسعي الملك حسين في ذلك ولأجله خدم الملك حسين ملك الهند بعد موت ملك ورنا المذكور، وهاداه ملك وأعطاه مدينة بكار من بلاد السند. ومجباها خمسون ألفاً من دنانير الذهب في كل سنة. "ولنعد إلى ما كنا بسبيله" سافرنا من هراة إلى مدينة الجام وهي متوسطة حسنة ذات بساتين وأشجار وعيون كثيرة وأنهار وأكثرها التوت والحرير بها كثير وهي تنسب إلى الولي العابد الزاهد شهاب الدين أحمد الجامي، وسنذكر حكايته، وحفيده الشيخ أحمد المعروف بزاده الذي قتله ملك الهند والمدينة الآن لأولاده وهي محررة من قبل السلطان ولهم بها نعمة وثروة. وذكر لي من أثق به أن السلطان أبا سعيد ملك العراق قدم خراسان مرة ونزل على هذه المدينة وبها زاوية الشيخ فأضافه ضيافة عظيمة وأعطى لكل خباء بمحلته رأس غنم ولكل أربعة رجال رأس غنم ولكل دابة بالمحلة من فرس أو بغل وحمار علف ليلة فلم يبقى في المحلة حيوان إلا وصلته ضيافة.