والشيخ شهاب الدين الذي تنسب إليه مدينة الجام يذكر أنه كان صاحب راحة مكثراً من الشراب وكان له من الندماء نحو ستين وكانت لهم عادة أن يجتمعوا يوماً في منزل كل واحد منهم فتدور النوبة على أحدهم بعد شهرين وبقوا على ذلك مدة. ثم أن النوبة وصلت يوماً الشيخ شهاب الدين فعقد التوبة تلك النوبة وعزم على إصلاح حاله مع ربه وقال في نفسه أن قلت لأصحابي إني قد تبت قبل اجتماعهم عندي ظنوا ذلك عجزاً عن مؤنتهم فأحضر ما كان يحضر مثله قبل من مأكولات ومشروبات وجعل الخمر في الزقاق وحضر أصحابه فلما أرادوا الشرب فتحوا زقاً فذاقه أحدهم فوجده حلواً، ثم فتح ثانيا فوجده كذلك ثم ثالثاً فوجده كذلك فكلموا الشيخ في ذلك، فخرج لهم عن حقيقة أمره وصدقهم سر فكره وعرفهم بتوبته وقال لهم والله ما هذا إلا الشراب الذي كنتم تشربونه فيما تقدم فتابوا جميعاً إلى الله تعالى وبنوا تلك الزاوية وانقطعوا بها لعبادة الله تعالى وظهر لهذا الشيخ كثير من الكرامات والمكاشفات. ثم سافرنا من الجام إلى مدينة طوس وهي أكبر بلاد خراسان وأعظمها بلد الإمام الشهير بأبي حامد الغزالي رضي الله عنه وبها قبره. ورحلنا منها إلى مدينة مشهد الرضا وهو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي أيضاً مدينة كبيرة ضخمة كثيرة الفواكه والمياه والأرحاء الطاحنة وكان بها الطاهر محمد شاه والطاهر عندهم بمعنى النقيب عند أهل مصر والشام والعراق وأهل الهند والسند وتركستان يقولوا السيد الأجل وكان أيضاً بهذا المشهد القاضي الشريف جلال الدين لقيته بأرض الهند والشريف علي وولداه أمير هندو ودولة شاه وصحبوني من ترمذ إلى بلاد الهند وكانوا من الفضلاء. والمشهد المكرم عليه قبة عظيمة في داخل زاوية تجاورها مدرسة ومسجد وجميعها مليح البناء مصنوع الحيطان بالقاشاني وعلى القبر دكانة خشب ملبسة بصفائح الفضة وعليه قناديل فضة معلقة وعتبة باب القبة فضة وعلى بابها ستر حرير مذهب وهي مبسوطة بأنواع البسط وإزاء هذا القبر قبر هارون الرشيد أمير المؤمنين رضي الله عنه وعليه دكانة يضعون عليها الشمعدانات التي يعرفها أهل المغرب بالحسك والمنائر وإذا دخل الرافضي للزيارة ضرب قبر الرشيد برجله وسلم على الرضا. ثم سافرنا إلى مدينة سرخس، وإليها ينسب الشيخ الصالح لقمان