السرخسي رضي الله عنه. ثم سافرنا منها إلى مدينة زاوة وهي مدينة الشيخ الصالح قطب حيدر وإليه تنسب طائفة الحيدرية من الفقراء وهم الذي يجعلون حلق الحديد في أيديهم وأعناقهم وآذانهم ويجعلون أيضاً في ذكورهم حتى لا يتأتى لهم النكاح. ثم رحلنا منها فوصلنا إلى مدينة نيسابور وهي إحدى المدن الأربع التي هي قواعد خراسان ويقال لها دمشق الصغيرة لكثرة فواكهها وبساتينها ومياهها وحسنها وتخترقها أربعة من الأنهار وأسواقها حسنة متسعة ومسجدها بديع وهو في وسط السوق ويليه أربع من المدارس يجري بها الماء الغزير وفيها من الطلبة خلق كثير يقرؤون القرآن والفقه وهي من حسان مدارس تلك البلاد ومدارس خراسان والعراقين ودمشق وبغداد ومصر وإن بلغت الغاية من الإتقان والحسن فكلها تقصر عن المدرسة التي عمرها مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله المجاهد في سبيل الله عالم الملوك واسطة عقد الخلفاء العادلين أبو عنان وصل الله سعده ونصر جنده وهي التي عند القصبة من حضرة فاس حرسها الله تعالى فإنها لا نظير لها سعة وارتفاعاً ونقش الجص بها لا قدرة لأهل المشرق عليه. ويصنع بنيسابور ثياب الحرير من النخ والكمخاء وغيرهما وتحمل منها إلى الهند وفي هذه المدينة زاوية الشيخ الإمام العالم القطب العابد قطب الدين النيسابوري أحد الوعاظ العلماء الصالحين نزلت عنده فأحسن القرى وأكرم ورأيت له البراهين والكرامات العجيبة.
وكنت قد اشتريت بنيسابور غلاماً تركياً فرآه معي فقال لي: هذا الغلام لا يصلح لك فبعه، فقلت له: نعم. وبعت الغلام في غد ذلك اليوم واشتراه بعض التجار، وودعت الشيخ وانصرفت فلما حللت بمدينة بسطام كتب إلي بعض أصحابي من نيسابور وذكر أن الغلام المذكور قتل بعض أولاد الأتراك وقتل به وهذه كرامة واضحة لهذا الشيخ رضي الله عنه. وسافرت من نيسابور إلى مدينة بسطام التي ينسب إليها الشيخ العارف أبو يزيد البسطامي الشهير رضي الله عنه وبهذه المدينة قبره ومعه في قبة واحدة أحد أولاد جعفر الصادق رضي الله عنه، وببسطام أيضا قبر الشيخ الصالح الولي أبي الحسن الخرقاني. وكان نزولي من هذه المدينة بزاوية الشيخ أبي يزيد البسطامي رضي الله عنه. ثم سافرت من هذه المدينة على طريق هند خير إلى قندوس وبغلان. وهي قرى فيها مشايخ وصالحون وبها البساتين والأنهار. فنزلنا بقندوس على نهر ماء