المعجم" ومعناه الكبير الأصل. ثم سافرنا إلى كابل، وكانت فيما سلف مدينة عظيمة وبها الآن قرية يسكنها طائفة من الأعاجم يقال لهم الأفغان. ولهم جبال وشعاب وشوكة قوية وأكثرهم قطاع طريق وجبلهم الكبير يسمى كوه سليمان يذكر أن نبي الله سليمان عليه السلام صعد ذلك الجبل فنظر إلى أرض الهند وهي مظلمة، فرجع ولم يدخلها فسمي الجبل به وفيه يسكن ملك الأفغان. وبكابل زاوية الشيخ إسماعيل الأفغاني تلميذ الشيخ عباس من الأولياء. ورحلنا إلى كرماش وهي حصن بين جبلين تقطع به الأفغان. وكنا حين جوازنا عليه نقاتلهم وهم بسفح الجبل ونرميهم بالنشاب فيفرون وكانت رفقتنا مخفة ومعهم نحو أربعة آلاف فرس وكانت لي جمال انقطعت عن القافلة لأجلها ومعي جماعة بعضهم من الأفغان، وطرحنا بعض الزاد وتركنا أحمال الجمال التي أعيت بالطريق وعادت إليها خيلنا بالغد فاحتملتها ووصلنا إلى القافلة بعد العشاء الآخرة فبتنا بمنزل ششنغار هي آخر العمارة مما يلي بلاد الترك. ومن هنا دخلنا البرية الكبرى وهي مسيرة خمس عشرة لا تدخل إلا في فصل واحد وهو بعد نزول المطر بأرض السند والهند وذلك في أوائل شهر يوليه. وتهب في هذه البرية ريح السموم القاتلة التي تعفن الجسوم. حتى أن الرجل إذا مات تنفسخ أعضاؤه وقد ذكرنا أن هذه الريح تهب أيضا في البرية بين هرمز وشيراز. وكانت تقدمت أمامنا رفقة كبيرة فيها خداوند زادة قاضي ترمذ فمات لهم جماعة وخيل كثيرة. ووصلت رفقتنا سالمة بحمد الله تعالى إلى بَنْج آب، وهو ماء السند، وبنج "بفتح الباء الموحدة وسكون النون والجيم" ومعناه خمسة وآب "بهمزة مفتوحة ممدودة وباء موحدة" ومعناه الماء، فمعنى ذلك الأودية الخمسة، وهي تصب في النهر الأعظم، وتسقي تلك النواحي وسنذكرها أن شاء الله تعالى. وكان وصولنا لهذا النهر سلخ ذي الحجة. واستهل علينا تلك الليلة هلال المحرم من عام أربع وثلاثين وسبعمائة. ومن هنالك كتب المخبرون بخبرنا إلى أرض الهند، وعرفوا ملكها بكيفية أحوالنا وها هنا ينتهي بنا الكلام في هذا السفر والحمد لله رب العالمين.