ظاهر وهو يطعم الوارد والصادر ويعطي الذهب والدراهم والأثواب، وظهرت له كرامات كثيرة واشتهر بها. رأيته مرات كثيرة وحصلت لي بركته، ومنهم الشيخ الصالح العالم علاء الدين النيلي كأنه منسوب إلى نيل مصر والله أعلم، كان من أصحاب الشيخ العالم الصالح نظام الدين البذواني وهو يعظ الناس في كل يوم جمعة فيتوب كثير منهم بين يديه ويحلقون رؤوسهم ويتواجدون ويغشى على بعضهم.
وشاهدته في بعض الأيام وهو يعظ فقرأ القارئ بين يديه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ أن زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ,يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ١. ثم كررها الفقيه علاء الدين فصاح أحد الفقراء من ناحية المسجد صيحة عظيمة، فأعاد الشيخ الآية فصاح الفقير ثانية ووقع ميتاً، وكنت فيمن صلى عليه وحضر جنازته. ومنهم الشيخ الصالح العابد صدر الدين الكُهْراني "بضم الكاف وسكون الهاء وراء ونون" وكان يصوم الدهر ويقوم الليل وتجرد عن الدنيا جميعاً ونبذها ولباسه عباءة، ويزوره السلطان وأهل الدولة وربما احتجب عنهم فرغب السلطان منه أن يقطعه قرى يطعم منها الفقراء والواردين فأبى ذلك وزاره يوماً وأتى إليه بعشرة آلاف دينار فلم يقبلها وذكروا أنه لا يفطر إلا بعد ثلاث، وأنه قيل له في ذلك، فقال: لا أفطر حتى اضطر فتحل لي الميتة، ومنهم الإمام الصالح العالم العابد الورع الخاشع فريد دهره ووحيد عصره كمال الدين عبد الله الغاري "بالغين المعجم والراء" نسبة إلى غار كان يسكنه خارج دهلي بمقربة من زاوية الشيخ نظام الدين البذواني زرته بهذا الغار ثلاث مرات.
وكان لي غلام فأبق مني وألفيته بيد رجل من الترك فذهبت إلى انتزاعه من يده فقال لي الشيخ أن هذا الغلام لا يصلح لك فلا تأخذه وكان التركي راغباً في المصالحة فصالحته بمائة دينار أخذتها منه وتركته له فلمّا كان بعد ستة أشهر قتل سيده وأتي به إلى السلطان فأمر بتسليمه لأولاد سيده فقتلوه، ولما شاهدت لهذا الشيخ هذه الكرامة انقطعت إليه ولازمته وتركت الدنيا ووهبت