للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزل وخدم عند أول درجة منه وقامت العروس قائمة حتى صعد فأعطته التنبول بيدها فأخذه وجلس تحت الدرجة التي وقفت بها ونثرت دنانير الذهب على رؤوس الحاضرين من أصحابه ولقطتها النساء والمغنيات يغنين حينئذ والأطبال والأبواق والأنفار تضرب خارج الباب ثم قام الأمير وأخذ بيد زوجته ونزل وهي تتبعه فركب فرسه يطأ به الفرش والبسط ونثرت الدنانير عليه وعلى أصحابه وجعلت العروس في محفة وحملها العبيد على أعناقهم إلى قصره والخواتين بين يديها راكبات وغيرهن من النساء ماشيات وإذا مرّوا بدار أمير أو كبير خرج إليهم ونثر عليهم الدنانير والدراهم على قدر همته حتى أوصلوها إلى قصره. ولما كان بالغد بعثت العروس إلى جميع أصحاب زوجها الثياب والدنانير والدراهم وأعطى السلطان لكل واحد منهم فرساً مسرجاً ملجماً وبدرة دراهم من ألف دينار إلى مائتي دينار وأعطى الملك فتح الله للخواتين ثياب الحرير المنوعة والبدر وكذلك لأهل الطرب وعادتهم ببلاد الهند أن لا يعطي أحد شيئا لأهل الطرب إنما يعطيهم صاحب العرس وأطعم الناس جميعاً ذلك اليوم.

وانقضى العرس، وأمر السلطان أن يعطي للأمير غدا بلاد المالوة والجزرات وكبناية ونهروالة، وجعل فتح الله المذكور نائباً عنه عليها وعظمه تعظيماً شديداً وكان عربياً جافياً، فلم يقدر قدر ذلك، وغلب عليه جفاء البادية، فأداه ذلك إلى النكبة بعد عشرين ليلة من زفافه.

ولما كان بعد عشرين يوماً من زفافه اتفق أنه وصل إلى دار السلطان فأراد الدخول فمنعه أمير البرد "البرده" دارية، وهم الخواص من البوابين فلم يسمع منه وأراد التقحم، فأمسك البواب بدبوقته وهي الضفيرة ورده، فضربه الأمير بعصا كانت هناك حتى أدماه وكان هذا المضروب من كبار الأمراء يعرف أبوه بقاضي غزنة وهو من ذرية السلطان محمود بن سبكتكين والسلطان يخاطبه بالأب ويخاطب ابنه هذا بالأخ فدخل على السلطان والدم على ثيابه فأخبره بما صنع الأمير غدا ففكر السلطان هنيهة، ثم قال: القاضي يفصل بينكما وتلك جريمة لا يغفرها السلطان لأحد من ناسه، ولا بد من الموت عليها وإنما احتمله لغربته وكان القاضي كمال الدين بالمشور، فأمر السلطان الملك تتر أن يقف معهما عند القاضي. وكان تتر حاجاً مجاوراً يحسن العربية، فحضر معهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>