للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال للأمير: أنت ضربته أو قل: لا، قصد أن يعلمه الحجة، وكان سيف الدين جاهلاً مغتراً، فقال: نعم أنا ضربته، وأتى والد المضروب فرام الإصلاح بينهما فلم يقبل سيف الدين فأمر القاضي بسجنه تلك الليلة فوالله ما بعثت له زوجته فراشاً ينام عليه ولا سألت عنه خوفاً من السلطان وخاف أصحابه فودعوا أموالهم.

وأردت زيارته بالسجن فلقيني بعض الأمراء وفهم عنى أني أريد زيارته، فقال لي: أو نسيت؟ وذكرني بقضية اتفقت لي في زيارة الشيخ شهاب الدين بن شيخ الجام وكيف أراد السلطان قتلي على ذلك حسبما يقع ذكره. فرجعت ولم أزره وتخلص الأمير غدا عند الظهر من سجنه فأظهر السلطان إهماله وأضرب عما كان أمر له بولايته وأراد نفيه وكان للسطان صهر يسمى بمغيث بن ملك الملوك وكانت أخت السلطان تشكوه لأخيها إلى أن ماتت فذكر جواريها أنها ماتت بسبب قهره لها وكان في نسبه مغمز فكتب السلطان بخطه يجلى اللقيط يعينه ثم كتب ويجلى موش خوار معنا آكل الفئران، يعني بذلك الأمير غدا لأن عرب البادية يأكلون اليربوع وهو شبه الفأر وأمر بإخراجهما فجاءه النقباء ليخرجوه فأراد دخول داره ووداع أهله فترادف النقباء في طلبه فخرج باكياً وتوجهت حين ذلك إلى دار السلطان فبت بها فسأني عن مبيتي بعض الأمراء فقلت له جئت لأتكلم في الأمير سيف الدين حتى يرد ولا ينفى. فقال: لا يكون ذلك. فقلت له: والله لا يتبين بدار السلطان ولو بلغ مبيتي مائة ليلة حتى يرد فبلغ ذلك السلطان فأمر برده وأمره أن يكون في خدمة الأمير ملك قبولة اللاهوري فأقام أربعة أعوام في خدمته يركب لركوبه ويسافر لسفره حتى تأدب وتهذّب ثم أعاده السلطان إلى ما كان عليه أولاً وأقطعه البلاد وقدمه على العساكر ورفع قدره.

ولما قدم خذاوند زاده أعطاه السلطان عطاء جزلاً، وأحسن إليه إحساناً عظيماً وبالغ في إكرامه ثم زوج ولديه من بنتي الوزير خواجة جهان وكان الوزير إذ ذاك غائبا فأتى السلطان إلى داره ليلاً وحضر عقد النكاح كأنه نائب عن الوزير ووقف حتى قرأ قاضي القضاة الصداق١ والقضاة والأمراء


١ الصداق: ما تصادق عليه المتعاقدان من عقد النكاح ومهره.

<<  <  ج: ص:  >  >>