للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقاتلوا غياث الدين فقتلوه وسلخوا جلده وحشي بالتبن وطيف به على البلاد.

وكان للسلطان تغلق ابن أخت يسمى بهاء الدين كُشْت اسبْ "بضم الكاف وسكون الشين المعجم وتاء معلوة" واسب "بالسين المهمل والباء الموحدة مسكنين"، فجعله أميراً ببعض النواحي فلما مات خاله امتنع من بيعة ابنه وكان شجاعاً بطلاً فبعث السلطان إليه العساكر فيهم الأمراء الكبار مثل الملك مجير والوزير خواجه جهان أمير على الجميع فالتقى الفرسان واشتد القتال وصبر كلا العسكريين ثم كانت الكرة لعسكر السلطان ففر بهاء الدين إلى ملك من ملوك الكفار يعرف بالرآي كنْبيلَة والرأي عندهم كمثل ما هو بلسان الروم عبارة عن السلطان وكنبيلة اسم الإقليم الذي هو به، وهو "بفتح الكاف وسكون النون وكسر الباء الموحدة وياء ولام مفتوحة" وهذا الراي له بلاد في جبال منيعة وهو من أكابر سلاطين الكفار. فلما هرب إليه بهاء الدين اتبعته عساكر السلطان وحصروا تلك البلاد واشتد الأمر على الكافر ونفد ما عنده من الزرع وخاف أن يؤخذ باليد فقال لبهاء الدين أن الحال قد بلغت لما تراه وأنا عازم على هلاك نفسي وعيالي ومن تبعني فاذهب أنت إلى السلطان فلان فابعث لسلطان من الكفار سمّاه له فأقم عنده فإنه سيمنعك وبعث معه من أوصله إليه وأمر راي كنبيلة بنار عظيمة فأججت وأحرق فيها أمتعته وقال لنسائه وبناته إني أريد قتل نفسي فمن أرادت مرافقتي فلتفعل فكانت المرأة منهن تغتسل وتدهن بالصندل والمقاصري وتقبل الأرض بين يديه وترمي بنفسها في النار حتى هلكن جميعاً وفعل مثل ذلك نساء أمرائه ووزرائه وأرباب دولته ومن أراد من سائر النساء ثم اغتسل الراي وادهن بالصندل ولبس السلاح ما عدا الدرع وفعل كفعله من أراد الموت معه من ناسه وخرجوا إلى عسكر السلطان فقاتلوا حتى قتلوا جميعاً ودخل المدينة فأسر أهلها وأسر من أولاد راي كنبيلة أحد عشر ولداً فأتي بهم السلطان فأسلموا جميعاً، وجعلهم السلطان أمراء وأعظمهم لأصالتهم ولفعل أبيهم. فرأيت عنده منهم نصراً وبختيار والمهردار وهو صاحب الخاتم الذي يختم به على الماء الذي يشرب السلطان منه وكنيته أبو مسلم وكانت بيني وبينه صحبة ومودة. ولما قتل راي كنبيلة توجهت عساكر السلطان إلى بلد الكافر الذي لجأ إليه بهاء الدين وأحاطوا به فقال ذلك السلطان أنا لا أقدر على أن أفعل ما فعله راي كنبيلة فقبض على بهاء الدين وأسلمه إلى عسكر السلطان فقيدوه وغلوه وأتوا

<<  <  ج: ص:  >  >>