يحملها إلى دهلي. فقال له إبراهيم: إن الطريق مخوف وفيه القطع فأقم عندي حتى يصلح الطريق وأوصلك إلى المأمن وكان قصده أن يتحقق موت السلطان فيستولي على تلك الأموال فلما تحقق حياته سرح ذلك الأمير وكان يسمى ضياء الملك بن شمس الملك. ولما وصل السلطان إلى الحضرة بعد غيبته سنتين ونصف وصل الشريف إبراهيم إليه فوشى به بعض غلمانه وأعلم السلطان بما كان هم به فأراد السلطان أن يعجل بقتله ثم تأنى لمحبته فيه فاتفق أن أتي يوماً إلى السلطان بغزال مذبوح فنظر إلى ذبحته، فقال: ليس بجيد الذكاة اطرحوه فرآه إبراهيم فقال أن ذكاته جيدة وأنا آكله فأخبر السلطان بقوله فأنكر ذلك وجعله ذريعة إلى أخذه فأمر به فقيد وغل ثم قرّره على ما رمى به من أنه أخذ الأموال التي مر بها ضياء الملك وعلم إبراهيم أنه إنما يريد قتله بسبب أبيه وأنه لا تنفعه معذرة وخاف أن يعذب فرأى الموت خيراً له فأقر بذلك. فأمر به فوسط وترك هنالك. وعادتهم أنه متى قتل السلطان أحداً أقام مطروحاً بموضع قتله ثلاثاً فإذا كان بعد الثلاث أخذه طائفة من الكفار موكلون بذلك فحملوه إلى خندق خارج المدينة يطرحونه به وهم يسكنون حول الخندق لئلا يأتي أهل المقتول فيرفعونه وربما أعطى بعضهم لهؤلاء الكفار مالاً فتجافوا له عن قتيله حتى يدفنه وكذلك فعل بالشريف إبراهيم رحمه الله تعالى.
ولما عاد السلطان من التِلِنْك وشاع خبر موته، وكان ترك تاج الملك نصرة خان نائباً عنه ببلاد التلنك وهو من قدماء خواصه بلغه ذلك فعمل عزاء السلطان ودعا لنفسه وبايعه الناس بحضرة بدَرْكُوت فبلغ خبره إلى السطان فبعث معلمه قطلوخان في عساكر عظيمة فحصره بعد قتال شديد هلك فيه أمم من الناس واشتد الحصار على أهل بَدَرْكوت وهي منيعة وأخذ قطلوخان في نقبها فخرج إليه نصرة خان على الأمان في نفسه فأمنه وبعث به إلى السلطان وأمن أهل المدينة والعسكر.
ولما استولى القحط على البلاد انتقل السلطان بعساكره إلى نهر الكنك الذي تحج إليه الهنود على مسيرة عشرة من دهلي أمر الناس بالبناء وكانوا قبل ذلك صنعوا خياماً من حشيش الأرض فكانت النار كثيراً ما تقع فيها وتؤذي الناس حتى كانوا يصنعون كهوفاً تحت الأرض فإذا وقعت النار رموا أمتعتهم