لديهم أشد البحث. وفيها الدواوين والعمال والكتاب والشهود ومجباها في كل يوم ألف دينار من الذهب ولا يجوز عليها أحد إلى الشام إلا ببراءة من مصر ولا إلى مصر إلا ببراءة من الشام إحتياطا على أموال الناس وتوقيا من الجواسيس العراقيين وطريقها في ضمان العرب قد وكلوا بحفظه فإذا كان الليل مسحوا على الرمل حتى لا يبقى به أثر ثم يأتي الأمير صباحا فينظر إلى الرمل فإن وجد به أثرا طالب العرب بإحضار مؤثره فيذهبون في طلبه فلا يفوتهم فيأتون به الأمير فيعاقبه بما شاء وكان بها في عهد وصولى إليها عز الدين أستاذ الدار قماري من خيار الأمراء أضافني وأكرمني وأباح الجواز لمن كان معي وبين يديه عبد الجليل المغربي الوقاف وهو يعرف المغاربة وبلادهم فيسأل من ورد منهم من أي البلاد هو لئلا يلبس عليهم فإن المغاربة لا يعترضون جوازهم على قطيا. ثم سرنا حتى وصلنا إلى مدينة غزة وهي أول بلاد الشام مما يلي مصر متسقة الأقطار كثيرة العمارة حسنة الأسواق بها المساجد العديدة والأسوار عليها وكان بها جامع حسن والمسجد الذي تقام الآن به الجمعة فيها بناه الأمير المعظم الجاولي وهو أنيق البناء محكم الصنعة ومنبره من الرخام الأبيض وقاضي غزة بدر الدين السلختي الحوراني ومدرسها علم الدين بن سالم وبنو سالم كبراء هذه المدينة ومنهم شمس الدين قاضي القدس. ثم سافرت من غزة إلى مدينة الخليل صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما وهي مدينة صغيرة الساحة كبيرة المقدار مشرقة الأنوار حسنة المنظر عجيبة المخبر في بطن واد ومسجدها أنيق الصنعة محكم العمل بديع الحسن سامي الارتفاع مبني بالصخر المنحوت في أحد أركانه صخرة أحد أقطارها سبعة وثلاثون شبرا ويقال أن سليمان عليه السلام أمر الجن ببنائه وفي داخل المسجد الغار المكرم المقدس فيه قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب صلوات الله على نبينا وعليهم ويقابلهم قبور ثلاثة هي قبور أزواجهم وعن يمين المنبر يلصق جدار القبلة موضع يهبط منه على درج رخام محكمة العمل إلى مسلك ضيق يفضي إلى ساحة مفروشة بالرخام فيها صور القبور الثلاثة ويقال أنها محاذية لها وكان هناك مسلك إلى الغار المبارك وهو الآن مسدود وقد نزلت بهذا الموضع مرات ومما ذكره أهل العلم دليلا على صحة كون القبور الثلاثة الشريفة هنالك ما نقله من كتاب علي بن جعفر الرازي الذي سماه المسفر للقلوب عن صحة قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب أسند فيه إلى أبي