للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرة الحوت واللبن ويحمل إليها الزوع والثمر من صعيد مصر وأهلها البجاة١ وهم سود الألوان يلتحفون بملاحف صفراء ويشدون على رؤوسهم عصائب يكون عرض العصابة إصبعا وهم لا يورثون البنات طعامهم ألبان الإبل ويركبون المهاري ويسمونها الصهب وثلث المدينة للملك الناصر وثلثاه لملك البجاة وهو يعرف بالحدربي "بفتح الحاء المهمل وإسكان الدال وراء مفتوحة وباء موحدة وياء" وبمدينة عيذاب مسجد ينسب للقسطلاني شهير البركة رأيته وتبركت به وبها الشيخ الصالح موسى والشيخ المسن محمد المراكشي زعم أنه ابن المرتضى ملك مراكش وأن سنه خمسة وتسعون سنة ولما وصلنا إلى عيذاب وجدنا الحدربي سلطان البجاة يحارب الأتراك وقد خرق المراكب وهرب الترك أمامه فتعذر سفرنا في البحر فبعنا ما كنا أعددناه من الزاد وعدنا مع العرب الذين اكترينا الجمال منهم إلى صعيد مصر

فوصلنا إلى مدينة قوص التي تقدم ذكرها وانحدرنا منها في النيل وكان أوان مده فوصلنا بعد مسيرة ثمان من قوص إلى مصر فبت بمصر ليلة واحدة وقصدت بلاد الشام وذلك في منتصف شعبان سنة ست وعشرين فوصلت إلى مدينة بلبيس٢ "وضبط اسمها بفتح الموحدة الأولى وفتح الثانية ثم ياء آخر الحروف مسكنة وسين مهملة"، وهي مدينة كبيرة ذات بساتين كثيرة ولم ألق بها من يجب ذكره. ثم وصلت إلى الصالحية ومنها دخلنا الرمال٣ ونزلنا منازلها مثل السوادة والواردة والمطيلب والعريش والخروبة. بكل منزل منها فندق. وهم يسمونه الخان ينزله المسافرون بدوابهم وبخارج كل خان ساقية للسبيل وحانوت يشتري منه المسافر ما يحتاجه لنفسه ودابته. من منازلها قَطْيا المشهورة وهي "بفتح القاف وسكون الطاء وياء آخر الحروف مفتوحة وألف. والناس يبدلون ألفها هاء تأثنث". وبها تؤخذ الزكاة من التجار، وتفتش أمتعتهم ويبحث عما


١ ويقال لهم أيضاً: البُجّة، وهم قبائل تعيش بين النيل والبحر الأحمر وبين القاهرة وحدود السودا، يعيش بعضهم في جمهورية مصر العربية، وبعضهم في جمهورية السودان، ومعظمهم لا يتكلّمون العربية.
٢ المتداول بين الناس في نطقها الآن: بِلْبيس بكسر الباءين الأولى والثانية، وبينهما لام ساكنة، وهي مدينة تابعة لمحافظة الشرقيّة.
٣ يقصد بالرمال: شبه جزيرة سيناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>