السلطان في الرسالة إلى الصين، وعودنا منها إلى بلادنا إن شاء الله تعالى.
ولما دخلنا حضرة دهلي قصدنا باب السلطان ودخلنا الباب الأول ثم الثاني والثالث ووجدنا عليه النقباء وقد تقدم ذكرهم. فلما وصلنا إليهم تقدم بنا نقيبهم إلى مشور عظيم متسع فوجدنا به الوزير خواجة جهان ينتظرنا فتقدم ضياء الدين خداوند زاده ثم تلاه أخوه قوام الدين ثم أخوهما عماد الدين ثم تلوتهم ثم تلاني أخوهم برهان الدين ثم الأمير مبارك السمرقندي ثم أرون بغا التركي، ثم ملك زاده ابن أخت خداوند زادة ثم بدر الدين الفصال.
ولما دخلنا من الباب الثالث ظهر لنا المشور الكبير المسمى هزار اسطون "استون" ومعنى ذلك ألف سارية، وبه يجلس السلطان الجلوس العام، فخدم الوزير عند ذلك حتى قرب رأسه من الأرض وخدمنا نحن بالركوع وأوصلنا أصابعنا إلى الاض وخدمتنا لناحية سرير السلطان وخدم جميع من معنا فلما فرغنا من الخدمة صاح النقباء بأصوات عالية: بسم الله وخرجنا.
وكانت أم السلطان تدعى المخدومة جهان وهي من أفضل النساء كثيرة الصدقات عمرت زوايا كثيرة وجعلت فيها الطعام للوارد والصادر وهي مكفوفة البصر. وسبب ذلك أنه لما ملك ابنها جاء إليها جميع الخواتين وبنات الملوك والأمراء في أحسن زي وهي على سرير الذهب المرصع بالجوهر فخدمن بين يديها جميعاً فذهب بصرها للحين وعولجت بأنواع العلاج فلم ينفع وولدها أشد الناس برّاً بها، ومن برّه أنها سافرت معه مرة فقدم السلطان قبلها بمدة فلما قدمت خرج لاستقبالها وترجل عن فرسه وقبل رجلها وهي في المحفة بمرأى من الناس أجمعين.
ولنعد لما قصدناه فنقول ولما انصرفنا عن دار السلطان خرج الوزير ونحن معه إلى باب الصرف وهم يسمونه باب الحرم وهنالك سكنى المخدومة جهان فلما وصلنا بابها نزلنا عن الدواب وكل واحد منا قد أتى بهدية على قدر حاله.
ودخل معنا قاضي قضاة المماليك كمال الدين بن البرهان فخدم الوزير والقاضي عند بابها وخدمنا كخدمتهم وكتب كاتب بابها هدايانا. ثم رجعوا