للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للوزير، واغتر بما أولاه السلطان من الكرامة والعطية فكتب مقبل إلى الوزير بذلك فوقع له الوزير على ظهر كتابه إن كنت عاجزاً عن بلادنا فاتركها وارجع إلينا.

ولما وصله الجواب تجهز في عسكره ومماليكه والتقيا بظاهر كنباية فانهزم ابن الكولمي وقتل جماعة من الفريقين واستخفى ابن الكولمي في دار الناخوذة "الناخذا" إلياس أحد كبراء التجار.

ودخل مقبل فضرب رقاب أمراء عسكر ابن الكولمي، وبعث له الأمان نظير أن يأخذ ماله المختص به ويترك مال السلطان وهديته مجبى البلد، وبعث مقبل بذلك كله مع خدامه إلى السلطان وكتب شاكياً من ابن الكولمي وكتب ابن الكولمي شاكياً منه. فبعث السلطان ملك الحكماء لينصف بينهما وبإثر ذلك كان خروج القاضي جلال الدين فنهب مال ابن الكولمي وفر ابن الكولمي في بعض مماليكه ولحق بالسلطان.

وفي مدة مغيب السلطان عن حضرته إذ خرج بقصد بلاد المعبر وقع الغلاء واشتد الأمر وانتهى المنّ إلى ستين درهماً ثم زاد على ذلك وضاقت الأحوال وعظم الخطب. ولقد خرجت مرة إلى لقاء الوزير فرأيت ثلاث نسوة يقطعن قطعاً من جلد فرس مات منذ أشهر ويأكلنه. وكانت الجلود تطبخ وتباع في الأسواق وكان الناس إذا ذبحت البقر أخذوا دماءها فأكلوها. وحدثني بعض طلبة خراسان أنهم دخلوا بلدة تسمى أكروهة، بين حانسي وسرستي فوجودوها خالية فقصدوا بعض المنازل ليبيتوا به فوجدوا في بعض بيوته رجلاً قد أضرم ناراً وبيده رجل آدمي وهو يشويها في النار ويأكل منها والعياذ بالله. ولما اشتدت الحال أمر السلطان أن يعطى لجميع أهل دهلي نفقة ستة أشهر فكانت القضاة والكتاب والأمراء يطوفون بالأزقة والحارات ويكتبون الناس ويعطون لكل أحد نفقة ستة أشهر بحساب رطل ونصف من أرطال المغرب في اليوم لكل واحد. وكنت في تلك المدة أطعم الناس من الطعام الذي أصنعه بمقبرة السطان قطب الدين حسبما يذكر فكان الناس ينتعشون بذلك والله تعالى ينفع بالقصد فيه. وإذ قد ذكرنا من أخبار السلطان وما كان في أيامه من الحوادث ما فيه الكفاية فلنعد إلى ما يخصنا من ذلك، ونذكر كيفية وصولنا أولاً إلى حضرته وتنقل الحال إلى خروجنا عن الخدمة، ثم خروجنا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>