للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلاف مقدمة فاستقبلته عساكر القاضي جلال فهزموه وحصروه ببلوذرة وقاتلوه بها. وكان في عسكر القاضي جلال شيخ يسمى جلول وهو أحد الشجعان فلا يزال يفتك في العساكر ويقتل ويطلب المبارزة فلا يتجاسر أحد على مبارزته واتفق يوماً أنه دفع فرسه فكبا به في حفرة فسقط عنه وقتل. ووجدوا عليه درعين فبعثوا برأسه إلى السلطان وصلبوا جسده بسور بلوذرة وبعثوا يديه ورجليه إلى البلاد ثم وصل السلطان بعساكره فلم يكن للقاضي جلال من ثبات ففر في أصحابه وتركوا أموالهم وأولادهم فنهب ذلك كله ودخلت المدينة وأقام بها السلطان أياماً ثم رحل عنها وترك بها صهره شرف الملك أمير بخت الذي قدمنا ذكره وقضية فراره وأخذه بالسند وسجنه وما جرى عليه من الذل ثم من العز وأمره بالبحث عمن كان في طاعة جلال الدين وترك معه الفقهاء ليحكم بأقوالهم فأدى ذلك إلى قتل الشيخ على الحيدري حسبما قدمناه. ولما هرب القاضي جلال لحق بناصر الدين بن ملك مل بدولة آباد ودخل في جملته فأتى السلطان بنفسه إليهم واجتمعوا في نحو أربعين ألفاً من الأفغان والترك والهنود والعبيد وتحالفوا على أن لا يفروا وأن يقاتلوا السلطان وأتى السلطان لقتالهم ولم يرفع الشطر الذي هو علامة عليه فلما استحرّ القتال رفع الشطر ولما عاينوه دهشوا وانهزموا أقبح هزيمة ولجأ ابن ملك مل والقاضي جلال في نحو أربعمائة من خواصهما إلى قلعة الدويقير وسنذكرها. وهي من أمنع القلاع في الدنيا واستقر السلطان بمدينة دولة آباد والدويقير هي قلعتها. وبعث لهم أن ينزلوا على حكمه فأبوا أن ينزلوا إلا على الأمان فأبى السلطان أن يؤمنهم وبعث لهم الأطعمة تهاوناً بهم وأقام هنالك وعلى ذلك آخر عهدي بهم.

كان تاج الدين بن الكولمي من كبار التجار فوفد على السلطان من أرض الترك بهدايا جليلة منها المماليك والجمال والمتاع والسلاح والثياب فأعجب السلطان فعله وأعطاه اثني عشر لكاً. ويذكر أنه لم تكن قيمة هديته إلاّ لكاً واحداً وولاه مدينة كنباية وكانت لنظر الملك المقبل نائب الوزير فوصل إليها وبعث المراكب إلى بلاد المليبار وجزيرة سيلان وغيرها وجاءته التحف والهدايا في المراكب وفخمت حاله. ولما لم يبعث أموال تلك الجهات إلى الحضرة بعث الملك مقبل إلى ابن الكولمي أن يبعث ما عنده من الهدايا والأموال مع هدايا تلك الجهات على العادة امتنع ابن الكولمي من ذلك وقال: أنا أحملها بنفسي أو أبعثها مع خدامي ولا حكم لنائب الوزير علي ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>