بسراجة فضربت على القبر وجاء الحاجب شمس الدين الفوشنجي الذي تلقانا بالسند والقاضي نظام الدين الكرواني وجملة من كبار أهل المدينة ولم آت إلا والقوم المذكورون قد أخذوا مجالسهم والحاجب بين أيديهم وهم يقرؤون القرآن فقعدت مع أصحابي بمقربة من القبر فلما فرغوا من القراءة فرأ القراء بأصوات حسان ثم قام القاضي فقرأ رثاء في البنت المتوفاة وثناء إلى السلطان وعند ذكر اسمه قام الناس جميعاً قياماً فخدموا ثم جلسوا ودعا القاضي دعاءً حسناً ثم أخذ الحاجب وأصحابه براميل ماء الورد وصبوا على الناس ثم داروا عليهم بأقداح شربة النبات ثم فرقوا عليهم التنبول ثم أتي بأحدى عشرة خلعة لي ولأصحابي ثم ركب الحاجب وركبنا معه إلى دار السلطان فخدمنا للسرير على العادة وانصرفت إلى منزلي. فما وصلت إلا وقد جاء الطعام من دار المخدومة جهان ما ملأ الدار ودور أصحابي وأكلوا جميعاً وأكل المساكين وفضلت الأقراص والحلواء والنبات فأقامت بقاياها أياماً وكان فعل ذلك كله بأمر السلطان وبعد أيام جاء الفتيان من دار المخدومة جهان بالدولة وهي المحفة التي يحمل فيها النساء ويركبها الرجال وهي شبه السرير سطحها من ضفائر الحرير أو القطن وعليها عود شبه الذي على البوجات عندنا معوج من القصب الهندي المغلوق ويحملها ثمانية رجال في نوبتين: يستريح أربعة ويحمل أربعة وهذه الدول بالهند كالحمير بديار مصر عليها يتصرف أكثر الناس فمن كان له عبيد حملوه ومن لم يكن له عبيد اكترى رجالاً يحملونه وبالبلد منهم جماعة يسيرة يقفون في الأسواق وعند أبواب الناس للكري وتكون دول النساء مغشاة بغشاء حرير وكذلك كانت هذه الدولة التي أتى الفتيان بها من دار أم السلطان فحملوا فيها جاريتي التي هي أم البنت المتوفاة وبعثت أنا معها عن هدية جارية تركية فأقامت الجارية أم البنت عندهم ليلة. وجاءت في اليوم الثاني وقد أعطوها ألف دينار دراهم وأساور ذهب مرصعة وتهليلاً من الذهب مرصعاً أيضا وقميص كتان مزركشا بالذهب وخلعة حرير مذهبة وتختا بأثواب ولما جاءت بذلك كله أعطيته لأصحابي وللتجار الذين لهم علي الدين محافظة على نفسي وصوناً لعرضي لأن المخبرين يكتبون إلى السلطان بجميع أحوالي.
وفي أثناء إقامتي أمر السلطان أن يعين لي من القرى ما يكون فائدة خمسة