كتابا إلى نور الدين ملك دمشق يعلمه بذلك وينبه على بناء مارستان للمرضى من الغرباء ويوقف عليه الأوقاف ويبني الزوايا بالطرق ويرضى أصحاب النحاس ويعطي صاحب البيت كفايته وقال له في آخر الكتاب: وإن كان إبراهيم بن أدهم قد خرج عن ملك خراسان فأنا قد خرجت عن ملك المغرب وعن هذه الصنعة والسلام، وفر من حينه وذهب صاحب البيت بالكتاب إلى الملك نور الدين فوصل الملك إلى تلك القرية واحتمل الذهب بعد أن أرضى أصحاب النحاس وصاحب البيت وطلب أبا يعقوب فلم يجد له أثرا ولا وقع له على خبر فعاد إلى دمشق وبنى المارستان المعروف باسمه الذي ليس في المعمور مثله. ثم وصلت إلى مدينة طرابلس وهي إحدى قواعد الشام وبلدانها الضخام تخترقها الأنهار وتحفها البساتين والأشجار ويكنفها البحر بمرافقه العميقة والبر بخيراته المقيمة ولها الأسواق العجيبة والمسارح الخصيبة والبحر على ميلين منها وهي حديثة البناء وأما طرابلس القديمة فكانت على ضفة البحر وتملكها الروم زمانا فلما استرجعها الملك الظاهر خربت واتخذ هذه الحديثة وبهذه المدينة نحو أربعين من أمراء الأتراك وأمير ها طيلان الحاجب المعروف بملك المراء ومسكنه منه بالدار المعروفة بدار السعادة ومن عوائده أن يركب في كل يوم اثنين وخمسين ويركب معه الأمراء والعساكر ويخرج إلى ظاهر المدينة فإذا عاد إليها وقارب الوصول إلى منزله ترجل الأمراء ونزلوا عن دوابهم ومشوا بين يديه حتى يدخل منزله وينصرفون وتضرب الطبلخانة عند دار كل أمير منهم بعد صلاة المغرب من كل يوم وتوقد المشاعل وممن كان بها من الأعلام كاتب السر بهاء الدين بن غانم أحد الفضلاء الحسباء معروف بالسخاء والكرم وأخوه حسام الدين وهو شيخ القدس الشريف وقد ذكرناه وأخوهما علاء الدين كاتب السر بدمشق ومنهم وكيل بيت المال قوام الدين بن مكين من أكابر الرجال ومنهم قاضي قضاتها شمس الدين بن النقيب من أعلام علماء الشام وبهذه المدينة حمامات حسان منها حمام القاضي القرمي وحمام سندمور وكان سندمور أمير هذه المدينة ويذكر عنه أخبار كثيرة في الشدة على أهل الجنايات منها أن امرأة