للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملاكها ويهلكون ولا يقضى هلاكها وتخطب بعدهم فلا يتعذر أملاكها وترام فيتيسر بأهون شيء إدراكها هذه حلب كم أدخلت ملوكها في خبر كان ونسخت صرف الزمان بالمكان أنث اسمها فتحلت بحلية الغوان وأتت بالعذر فيمن دان وتجلت عروسا بعد سيف دولتها ابن حمدان هيهات سيهزم شبابها ويعدم خطابها ويسرع فيها بعد حين خرابها. وقلعة حلب تسمى الشهباء وبداخلها جبلان ينبع منهما الماء فلا تخاف الظما ويطيف بها سوران وعليها خندق عظيم ينبع منه الماء وسورها متداني الأبراج وقد انتظمت بها العلالي العجيبة المفتحة الطيقان وكل برج منها مسكون والطعام لا يتغير بهذه القلعة على طول العهد وبها مشهد يقصده بعض الناس يقال أن الخليل عليه السلام كان يتعبد به وهذه القلعة تشبه قلعة رحبة مالك بن طوق التي على الفرات بين الشام والعراق ولما قصد قازان طاغية التتر مدينة حلب حاصر هذه القلعة أياما ونكص عنها خائباً. قال ابن جزي: وفي هذه القلعة يقول الخالدي شاعر سيف الدولة:

وخرقاءَ قد قامت على مَن يَرُومُها ... بِمِرقَبها العالي وجانبها الصّعبِ

يجرّ عليها الجوّ جيب غمامة ... ويُلبِسها عقداً بأنجمه الشُهبِ

إذا ما سَرَى برقٌ بَدَت مِن خلاله ... كما لاحت العذراء من خلل السُحُب

فكم من جنودٍ قد أماتتْ بِغصّةٍ ... وذي سطواتٍ قد أبانَت على عقبِ

وفيها يقول أيضاً وهو من بديع النظم:

وقلعة عانق العنقاء سافلها ... وجازَ منطقة الجوزاء عاليها

لا تعرف القَطر إذا كان الغمام لها ... أرضاً تُوطَّأ قطريهِ مواشيها

إذا الغمامةُ راحَت غضَ ساكنها ... حياضها قبل أن تهمي عواليها

يُعَدّ من أنجم الأفلاك مِرْقَبها ... لو أنه كان يجري في مجاريها

ردّت مكايدَ أقوامس مكايدُها ... ونصرَت لِدواهيهم دواهيها

وفيها يقول جمال الدين علي بن أبي المنصور:

كادت لِبَونِ سموّها وعلوّها ... تستوقف الفللك المحيط الدائرا

وَرَدت قواطِنُها المجرّة مَنهَلاً ... ورعَتْ سوابقُها النجومَ زواهرا

ويظلّ صرف الدهر منها خائفاً ... وجِلاً فما يُمسي لديها حاضراً

ويقال: في مدينة حلب

ويقال: في مدينة حلب حلب إبراهيم لأن الخليل صلوات الله وسلامه على نبينا

<<  <  ج: ص:  >  >>