حلب للوارد جنةُ عدن ... وهي للغادرين نارُ سعير
والعظيمُ العظيمُ يكبُرُ في عَيْنَيهِ ... فيه منها قدرُ الصغير الصغير
فَقُويقٌ في أنفس القوم بحرٌ ... وحَصَاةٌ منه مكانَ ثبير
وقال فيها أبو الفتيان بن جبوس:
يا صاحبي إذا أعياكُما سَقَمي حلب ... فلَقياني نسيمَ الريح من
من البلاد التي كان الصِبا سكنا ... فيها وكان الهوى العَذري من أرَبى
وقال فيها أبو الفتح كشاجم:
وما أمتعت جارَها بلدةٌ ... كما أمتعت حلبٌ جارَها
بها قد تجمع ما تشتهي ... فزرها فطوبى لمن زراها
وقال فيها أبو الحسن علي بن موسى بن سعيد الغرناطي العنسي:
حادي العيس كم تنيخ المطايا ... سُق بروحي من بُعدهم في سياق
حلب إنها مقر غرامي ... ومرامي وقِبلة الأشواق
لك خلا جوْشَن بطياس والعبد ... من كل وابل غيداق
كم بها مرتع لطرف وقلب ... فيه سقيُ المنى بكأس دهاق
وتغنَّى طيوره لارتياح ... وتثنّى غصونه للعناق
وعلوُ الشهباء حيث استدارت ... أنجم الأفق حولها كالنطاق
وبحلب ملك الأمراء أرغون الدوادار أكبر أمراء الملك الناصر. وهو من الفقهاء موصوف بالعدل لكنه بخيل والقضاة بحلب أربعة للمذاهب الأربعة فمنهم القاضي كمال الدين بن الزملكاني شافعي المذهب وعالي الهمة كبير القدر كريم النفس حسن الأخلاق متفنن بالعلوم وكان الناصر قد بعث إليه ليوليه قضاء القضاة بحضرة ملكه فلم يقض له ذلك وتوفي ببلبيس وهو متوجه إليها ولما ولي قضاء حلب قصدته الشعراء من دمشق وسواها وكان فيمن قصده شاعر الشام شهاب الدين أبو بكر محمد بن الشيخ المحدث شمس الدين أبي عبد الله محمد بن نباتة القرشي الأموي الفارقي فامتدحه بقصيدة طويلة حافلة أولها:
أسفت لفقدك جِلَّق الفيحاءُ ... وتباشرت لقدومك الشهباء
وعلى دمشق وقد رحلت كآبةٌ ... وعلا رُبا حَلَب سَناً وسناءُ